قال الصولي: كان العدوي مثبتاً للقدر، فأراد أن الله جعل العينين كذا، وفر ذو الرمة من هذا لينصر مذهبه.
قال الأصمعي: قلت ليونس: ما أراد ذو الرمة بقوله: من الطويل
وليلٍ كجلباب العروس ادرعته ... بأربعةٍ والشخص في العين واحد
فقال يونس: ما أحسب الجن تقع على ماوقع عليه ذو الرمة وفطن له؛ قوله: كجلباب العروس، يقول: ليل طويل كقميص العروس في الطول، لأن العروس تجر أذيالها: اردعته: أي لبسته: بأربعة: يعني نفسه وناقته وسيفه وظله؛ والشخص في العين واحد: يقول والأنسان واحد.
قال أبو بكر بن عياش: كنت إذ أنا شاب إذا أصابتني مصيبة تصبرت، وكان ذلك يبرئ بدني جميعاً، حتى رأيت بالناسة أعرابياً ينشد وقد اجتمع الناس عليه وهو يقول: من الطويل
خليلي عوجا من صدور الرواحل ... بجمهور حزوى فابكيا في المنازل
لعل انحدار الدمع يعقب راحةٌ ... من الوجد أو يشفي نجي البلابل
فسألت عنه؟ فقيل: هذا ذو الرمة، فأصابني بعد ذلك مصيبات، فكنت أبكي فأجد له راحة.
ذكر ذو الرمة في مجلسٍ فيه عدةٌ من الأعراب، فقال عصمة بن مالك - شيخٌ من بني جاسئ بن فزارة، كان قد بلغ عشرين ومئة -: إياي فاسألوا عنه، كان من أظرف الناس، كان آدم، خفيف العارضين، حسن المضحك، حلو المنطق؛ وكان إذا أنشد بربر وجش صوته، فإذا راجعك لم تسأم حديثه وكلامه، وكان له إخوة يقولون الشعر منهم