مسعود وجرفاس - وهو أوفى - وهشام، كانوا يقولون القصيدة فيرد ففيها الأبيات فيغلب عليها فتذهب له، فجمعني وإياهم مربع، فأتاني يوماً فقال لي: ياعصمة! إن ميا منقرية، وبنو منقر أخبث الحي، أقوفه لأثر، وأبصره في نظر، وأعلمه بشر؛ فهل عندك من ناقةٍ نزداد عليها ميا؟ قلت: عندي الجؤذر، بنت يمانية، قال: علي بها، فركبناها وخرجنا حتى نشرف على بيوت الحي، فإذا هم خلوف، وإذا بيت مي خلو، فعرف النساء ذا الرمة حين طلعنا عليهن، فتقوض النساء إلى بيت مي، وجئنا حتى أنخنا، ثم دنونا فسلمنا وقعدنا نتحدث، وإذا مي جايةٌ أملود، واردة الشعر، صفراء فيها عسن، وعليها سب أصفر وطاقٌ أخضر، فتحدثن مليا ثم قلن له: أنشدنا ياذا الرمة، قال: أنشدهن ياعصمة، فأنشدهن قوله: من الطويل
نظرت إلى أظعان مي كأنها ... ذرا النخل أو أثل تميل ذوائبه
فأوشلت العينان والصدر كاتم ... بمغرورق نمت عليه سواكبه
بكا وامقٍ خاف الفراق ولم تجل ... جوائلها أسراره ومعاتبه