للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالت ظريفة ممن حضر: لكن الآن فلتجل، فنظر إليها مي، ثم مضيت فيها إلى قوله:

إذا سرحت من حب مي س ... وارحٌ عن القلب ابته جميعاً عوازبه

فقالت الظريفة: قتلتهقتلك الله، فقالت مي: ما أصحه وهنيئاً له! فتنفس ذو الرمة تنفساً كاد حره يطير شعر وجهه. ومضيت حتى انتهت إلى قوله:

وقد خلفت بالله مية ما الذي ... أقول لها إلا الذي أنا كاذبه

إذاً فرماني الله من حيث لا أرى ... ولا زال في أرضي عدو أحاربه

فقالت الظريفة قتلته قتلك الله، فالتفتت إليه مي فقالت: خف عواقب الله. ثم مضت فيها حتى انتهت إلى قوله:

إذا راجعتك القول مية أو بدا ... لك الوجه منها أو نضا الدرع سالبه

فيا لك من خد آسيل ومنطق ... رخيم ومن خلق تعلل جادبه

فقالت الظريفة: ها هي ذه قد راجعتك القول، وبدا لك وجهها، فمن لنا بأن ينضو الدرع سالبه؟ فالتفتت إليها مي فقالت: قاتلك الله! ما أنكر ما تجيئين به! قال عصمة: فتحدثنا ساعة ثم قالت الظريفة للنساء: إن لهذين شأناً، فقمن بنا. فقمن وقمت معهن؛ فجلست في بيتٍ أراهما منه فسمعتهما قالت له: كذبت والله. ووالله ما أدري ما قال لها وما أكذبته فيه، فلبث قليلاً ثم جاءني ومعه قارورةٌ فيها دهن وقلائد، فقال: هذا دهن طيب أتحفتنا به مي، وهذه قلائد الجؤذر، ولا والله لا أقلدهن بعيراً أبداً، وشدهن بذؤابة سيفه، وانصرفنا؛ فكان يختلف إليها حتى تقضي الربيع، ودعا الناس المصيف، فأتاني فقال: يا عصمة قد رحلت مي، ولم يبق إلا الآثار والنظر في الديار، فاذهب بنا ننظر في ديارهم، ونقفو آثارها. فخرجنا حتى أتينا منزلها فوقف ينظر ثم قال: من الطويل

<<  <  ج: ص:  >  >>