يغالبني من مهجتي في إساره ... يشاكها طوراً وطوراً يسامح
ومن لم أزل أبغي السلو ولم يزل ... يتيمني منه مراضٌ صحائح
وأصدف عن سقيا ثناياه آيساً ... فيعطفني منه بروقٌ لوامح
مضاحك غر لو تبسمن في الدجى ... تجلى جبين من سنا الفجر واضح
يقر بعيني قربها وكذابها ... ألا كل ما قرت به العين صالح
ثم قطع المحاورة والاقتضاب وأنشد حتى استكمل قصيدته.
مر رجلٌ في بادية بني عذرة فإذا فتاةٌ كأحسن ما يكون، فنظر إليها، فقالت له عجوز: ما تنظر إلى هذا الغزال النجدي ولا حظٌ لك فيه! فقالت الجارية: دعيه يا أمتاه، يكون كما قال ذو الرمة: من الطويل
وإن لم يكن إلا تعلل ساعةٍ ... قليلاً فإني نافعً لي قليلها
قال أبو سلمة الكلابي: سمعت أبي يقول: لما فرغ ذو الرمة من قصيدته التي هي: من البسيط
ما بال عينك منها الماء ينسكب ... كأنه من كلى مفريةٍ سرب
تبدى له إبليس فأخذ حجزته ثم قال له: لا تظن أنك منها في ئيء، ما شركتني فيها بحرف، وأنا قلتها كلها.
دخل ذو الرمة الكوفة، فبينا هو يسير في شوارعها على نجيب له إذ رأى جارية سوداء واقفة على باب الدار، فاستحسنها ووقعت بقلبه، فدنا منها وقال: يا جارية اسقيني ماء، فسقته، فأراد أن يمازحها ويستدعي كلامها، فقال: يا جارية ما أحر ماءك! فقالت: لو شئت لأقبلت على عيوب شعرك وتركت حر مائي فبرده، فقال لها: وأي شعري له عيب؟ فقالت: ألست ذا الرمة؟ قال: بلى، قالت: من الطويل