قال: أيما أحسن، داري أم داركم؟ فقال الفتح: يا سيدي دارنها إذا كنت فيها أحسن. فقال المعتصم لا أبرح حتى أنثر عليه مئة ألف درهم. ففعل ذلك.
قال الفتح بن خاقان: غضب علي المعتصم ثم رضي عني وقال: ارفع حوائجك لتقضي، فقلت: يا أمير المؤمنين ليس شيء من عرض الدنيا وإن جل يفي برضى أمير المؤمنين وإن قل. فأمر فحشي فمي جوهراً.
ومن شعر الفتح بن خاقان: من الرمل
بني الحب على الجور فلو ... أنصف المعشوق فيه لسمج
ليس يستملح في وصف الهوى ... عاشقٌ يحسن تأليف الحجج
قال أبو العباس المبرد: ما رأيت أحرص على العلم من ثلاثة: الجاحظ، والفتح بن خاقان، وإسماعيل إسحاق القاضي؛ فأما الجاحظ فإنه كان إذا وقع في يده كتاب قرأه من أوله إلى آخره، أي كتاب كان. وأما الفتح فكان يحمل الكتاب في حقه، فإذا قام بين يدي المتوكل ليبول أو ليصلي أخرج الكتاب فنظر فيه وهو يمشي حتى يبلغ الموضع الذي يريد، ثم يصنع مثل ذلك في رجوعه إلى أن يأخذ مجلسه. وأما إسماعيل بن إسحاق فإني ما دخلت عليه قط إلا وفي يده كتابٌ ينظر فيه، أو يقلب الكتب لطلب كتابٍ ينظر فيه.
قال البحتري: كان أول ما مدحت به الفتح بن خاقان: من الطويل
هب الدار ردت رجع ما أنت قائله
فأنشدته إياها في سنة ثلاثٍ وثلاثين بعد أن أقمت شهراً لا أصل إلى إنشاده، وهو مع ذلك يجري علي ويصلني، ثم جلس جلوساً عاماً وحضرت وحدي، فأنشدته فرأيته يتبسم عند