سابلة، فقال بعضهم: نرتحل، وقال قوم: حتى نصبح فإن فضيلاً على الطريق يقطع علينا. فتاب الفضل وآمنهم، وجاور الحرم حتى مات.
وقيل إنه قال: ففكرت وقلت: أنا أسعى بالليل في المعاصي، وقومٌ من المسلمين هاهنا يخافونني، وما أرى الله ساقني إليهم إلا لأرتدع، اللهم إني قد تبت إليك وجعلت توبتي مجاورة البيت الحرام.
وقيل: إنه خرج ليلةٌ ليقطع الطريق فإذا هو بقافلةٍ قد انتهت إليه ليلاً، فقال بعضهم لبعض: اعدلوا بنا إلى القرية فإن أمامنا رجلاً يقطع الطريق يقال له الفضيل. فسمع الفضيل، فأرعد وقال: يا قوم أنا الفضيل جوزوا، والله لاجتهدن أن لا أعصي الله أبداً. فرجع وترك ما كان عليه.
وقيل: إنه خرج عشية يريد مقطعه، فإذا بقومٍ حمارة معهم ملح، فسمع بعضهم يوقل مروا لا يفجأنا فضيل فيأخذ ما معنا. فسمع ذلك فضيل فاغتم وتفكر وقال: يخافني هذا الخلق الخوف العظيم! فتقدم إليهم وسلم عليهم وقال لهم وهم لا يعرفونه: تكونون الليلة عندي وانتم آمنون من الفضيل. فاستبشروا وفرحوا وذهبوا معه فأنزلهم وخرج يرتاد لهم علفاً فرجع إليهم فسمع قارئاً يقرأ " ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق " فصاح الفضيل ومزق ثيابه على نفسه وقال: بلى والله قد آن: فكان هذا مبتدأ توبته.
قال الفضيل: إذا أحب الله عبداً أكثر غمه، وإذا أبغض عبداً وسع عليه دنياه.
وقال الفضيل: لو أن الدنيا بحذافيرها عرضت علي لا أحاسب بها لكنت أتقذرها كما يتقذر أحدكم الجيفة إذا مر بها أن تصيب ثوبه.