للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جيد جعله في كمه، وما كان من رديء رده؛ وكذلك الحكمة، من تكلم بحكمة فاقبل منه، ومن تكلم بسوى ذلك فدعه.

وقال الفضيل: لو أن لي دعوة مستجابة ما صيرتها إلا في الإمام. قيل: وكيف ذلك يا أبا علي؟ قال: متى صيرتها في نفسي لم تجزني، ومتى صيرتها في الإمام، فإصلاح الإمام إصلاح العباد والبلاد، قيل: وكيف ذلك يا أبا علي؟ فسر لنا هذا، قال: أما إصلاح البلاد فإذا أمن الناس ظلم الإمام عمروا الخراب، فتزكو الأرض، وأما العباد فينظر إلى قومٍ من أهل الجهل، يقول: قد شغلهم طلب المعيشة عن طلب ما ينفعهم من تعلم القرآن وغيره، فيجمعهم في دار، خمسين خمسين، أقل أو أكثر، يقول لرجل: لك ما يصلحك وعلم هؤلاء أمر دينهم. وانظر ما أخرج الله من فيهم مما يزكي الأرض فرجه عليهم. فقال: كذا صلاح البلاد والعباد.

قال رباح الكوفي: إن ابن المبارك قبل جبهته في جبهته في عذا الحديث فقال: يا معلم الخير من يحسن هذا غيرك؟ وقال الفضيل: ما لكم وللملوك؟ ما أعظم منتهم عليكم أن قد تركوا لكم طريق الآخرة! فاركبوا طريق الآخرة، ولكن لا ترضون، تعيبونهم بالدنيا ثم تزحمونهم على الدنيا! ما ينبغي لعالم أن يرضى بهذا لنفسه.

وقال الفضيل:

إنما ينبغي للدنيا أن تتلاعب بالجاهل لا بالعالم. وقالوا له: لو كلمت هارون في أمر الرعية فإنه يحبك. قال: لست هناك؛ فكرر القول عليه فقال: لو كنت داخلاً عليه يوماً ما كلمته إلا في علماء السوء، أقول: يا أمير المؤمنين، إنه لا بد للناس من راعٍ. ولا بد للراعي من عالم يشاوره، ولا بد له من قاضٍ ينظر في أحكام المسلمين، وإذا كان لا بد من هذين الرجلين فلا يأتك عالمٌ ولا قاضٍ إلا على حمار بإكافٍ خلفه أغبر، فبالحري أن

<<  <  ج: ص:  >  >>