أرسل إبراهيم إلى الأرض المقدسة، ولوط إلى المؤتفكات. وكانت قرى لوط أربع مدائن: سدوم، واموراء، وعاموراء، وصبويراء. وكان في كل قرية مائة ألف مقاتل، فجميعهم أربعمائة ألف، وكانت أعظم مدائنهم سدوم، وكان لوط يسكنها، وهي المؤتكفات، وهي من بلاد الشام، ومن فلسطين مسيرة يوم وليلة. وكان الله قد أمهل قزم لوط، فخرقوا حجاب الإسلام، وانتهكوا المحارم، واتوا الفاحشة الكبرى، فكان إبراهيم يركب على حماره حتى يأتي مدائن قوم لوط، فينصحهم، فيأبون أن يقبلوا، فكان بعد ذلك يجيء على حماره، فينظر إلى سدوم، فيقول: يا سدوم، أي يوم لك من الله! سدوم، إنما أنهاكم ألا تتعرضوا لعقوبة الله، حتى بلغ الكتاب أجله، فبعث الله جبريل في نفر من الملائكة، قال: فهبطوا في صورة الرجال حتى انتهوا إلى إبراهيم، وهو في زرع له يثير الأرض، كما بلغ الماء في مسكنه من الأرض، ركز مسحاته في الأرض، فصلى خلفها ركعتين. قال: فنظرت الملائكة إلى إبراهيم، فقالوا: لو كان الله - عز وجل - ينبغي أن يتخذ خليلاً لاتخذ هذا العبد خليلاً، ولا يعلمون أن الله قد اتخذه خليلاً.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " رحم الله لوطاً لقد كان يأوي إلى ركن شديد، ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف، ثم جاءني الداعي لأجبت ".
عن ابن عباس قال: لما سمعت الفسق بأضياف لوط جاؤوا إلى باب لوط، فاغلق الباب دونهم، ثم اطلع عليهم، فقال:" هؤلاء بناتي "، يعرض عليهم بناته بالنكاح والتزويج، ولم يعرضها عليهم للفاحشة، وكانوا كفاراً وبناته مسلمات، فلما رأى البلاء، وخاف الفضيحة عرض عليهم التزويج - وكان في سنتهم ألا يتزوجوا إلا امرأة واحدة، فلما خطبوا إلى لوط فلم