يزوجهم تزوجوا - فقالوا:" لقد علمت ما لنا في بناتك من حق، وإنك لتعلم ما نريد "، وكان اسم ابنتيه إحداهما رعوثا، والأخرى رميثا - ويقال: زبوثا ورعوثا، فالله أعلم. وكان الذي حملهم على إتيان الرجال دون النساء أنه كانت لهم ثمار في منازلهم، وحوائطهم، وثمار خارجة على ظهر الطريق، وانهم أصابهم قحط، وقلة من الثمار، فقال بعضهم لبعض: إنكم إن منعتم ثماركم هذه الظاهرة من أبناء السبيل لكان فيها لكم عيش، قالوا: بأي شيء نمنعها؟ قال: اجعلوا سنتكم من أخذتم في بلادكم غريباً سنتكم فيه أن تنكحوه، وأغرموه أربعة دراهم؛ فغن الناس يظهرون ببلادكم إذا فعلتم ذلك، فذلك الذي حملهم على ما ارتكبوا من الحدث العظيم، الذي لم يسبقهم إليه أحد من العالمين. وقال في آية أخرى:" أتأتون الذكران من العالمين " - يعني الغرباء، وقالوا فيما عاتبوا لوطاً:" أولم ننهك عن العالمين "؟ أي ألم ننهك عن الغرباء حتى تفعل بهم الفاحشة؟ فعند ذلك قال:" هؤلاء بناتي " دعاهم إلى الحلال، فأبوا، " فاتقوا الله ولا تخزوني في ضيفي أليس منكم رجل رشيد "؟ أي: يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
وقيل: كان بدء عمل قوم لوط أن إبليس جاءهم عند ذكرهم ما ذكروا في هيئة صبي، أجمل صبي رآه الناس، فدعاهم إلى نفسه، فنكحوه، ثم جروا على ذلك، فلم يتناهوا، ولم يردهم قوله، ولم يقبلوا شيئاً مما عرض عليهم من أمر بناته، فكسروا الباب، ودخلوا عليه، قال: وتحول جبريل في صورته - وله صورتان، إذا كان في الأرض كان في صورة دحية بن خليفة الكلبي، وإذا كان في السماء كان رأسه في السماء ورجلاه في الأرض، وله جناحان أخضران موشحان بالدر والياقوت - قال: فتحول في صورته التي يكون فيها في السماء، قال: ثم قال: يا لوط، لا تخف، نحن الملائكة، لن يصلوا إليك، وأمرنا بعذابهم، فقال لوط: يا جبريل، الآن فعذبهم، وهو شديد الأسف عليهم. قال جبريل، يا لوط " موعدهم الصبح، أليس الصبح بقريب "؟ " فأسر بأهلك بقطع من الليل