واتبع أدبارهم ولا يلتفت منكم أحد ". ووثب القوم، فتعلقوا بهم، فطمس جبريل بجناحيه وجوههم، فشدخت وجوههم، وتناثرت أحداقهم بالأرض، فذلك قوله: " ولقد راودوه عن ضيفه، فطمسنا أعينهم "، فعند ذلك قالوا: يا لوط، معك رجال سحروا أعيننا، فأوعدوه، قال: فخرجوا من عنده عمي لا يهتدون الطريق، فلما كان عند وجه الصبح جاءهم العذاب.
عن ابن عباس قال:
لما بشر إبراهيم بقول الله: " فلما ذهب عن إبراهيم الروع، وجاءته البشرى - بإسحاق - يجادلنا في قوم لوط "، وإنما كان جداله أنه قال: يا جبريل، أين تريدون، وغلى من بعثتم؟ قالوا إلى قوم لوط، وقد أمرنا بعذابهم، فقال إبراهيم: إن كان فيهم مائة مؤمن تعذبونهم؟ قال جبريل: لا، قال: إن كان فيهم تسعون مؤمنون تعذبونهم؟ فقال جبريل: لا، قال: فإن كان فيهم ثمانون مؤمن تعذبونهم؟ قال جبريل: لا، حتى انتهى العدد إلى واحد مؤمن، قال جبريل: لا. فخاف إبراهيم على لوط، فقال: " إن فيها لوطاً " ليدفع به عنهم، فقالوا: " نحن نعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين "، يعني من الباقين الذين أهلكوا ولم ينجوا، إنما أنجى لوطاً، وغبرت امرأته مع الغابرين فأهلكت. قيل أنها صعدت ظهر بيتها، فلوحت بثوب لها فأتاها الفسقة يهرعون إليها سراعاً، فقالوا: هل عندك شيء؟ قال: نعم والله، لقد نزل بنا أضياف ما رأينا قط أحسن وجوهاً منهم، ولا أطيب منهم ريحاً.
وفي قوله: " فخانتهما "، قال: لم يكن زنى، ولكن امرأة نوح كانت تخبر أنه مجنون، وامرأة لوط تخبر بالضيف إذا نزل.