محمد بن إسماعيل أبو بكر المرثدي القاضي ولي قضاء دمشق نيابة عن عبد الله بن محمد بن الخصيب تسعة اشهر حتى مات الخصيبي. وكان محموداً على ما قيل. ثم ولي قضاء صيدا حتى توفي سنة تسع وأربعين وثلاث مئة.
محمد بن إسماعيل أبو بكر الفرغاني أحد مشايخ الصوفية، من أستاذي أبي بكر الدقي، وكان من مجتهدي أهل التصوف في العبادة وخلو اليد من العلوم.
حدث محمد بن إسماعيل الفرغاني قال: سمعت أبا الحارث الأولاسي يقول: دخلت مسجد طرطوس، فرأيت فتيين جلوساً يتكلمان في علم الألفة، وسوء أدب الخلق، وحسن صنيع الله تعالى إليهم، وندمان نفوسهما فيما يجب لله تعالى عليهما. فقال أحدهما لصاحبه: يا أخي، قد تحدثنا في العلم، فتعال حتى نعامل الله تعالى به، فيكون لعلمنا فائدة ومنفعة. فعزما على ألا يتناولا شيئاً مسته أيدي بني آدم، ولا ما للخليقة فيه صنع. قال أبو الحارث: فقلت: وأنا معكما. فقالا: إن شئت. فخرجنا من طرطوس، وجئنا إلى جبل لكام، فأقمنا فيه ما شاء الله. قال أبو الحارث: أما أنا فضعفت نفسي، وقام العلم بين عيني؛ لئن مت على ما أنت عليه، مت ميتة جاهلية. فتركت صاحبي، ورجعت إلى طرطوس، ولزمت ما كنت أعرفه من صلاح نفسي. وأقام صاحباي باللكام سنة، فلما كان بعد مدة دخلت المسجد، فإذا أنا بأحد الفتيين جالساً في المسجد، فسلمت عليه، فقال: يا أبا الحارث، خنت الله تعالى في عهدك، ولم تف به! أما إنك لو صبرت