قال أبو الحسن علي الديلمي: سمعت الشيخ - يعني - ابن خفيف يقول: كنت في البادية، فأصابني السموم، ولم يكن معي ماء ولا زاد، فطرحت نفسي، ونمت كالسكران قال: فانتبهت، وإذا عند رأسي قطعة تمر، وركوتي ملأى ماء، ففرحت، وتوهمت أنها آية ظهرت لي، فكنت أستقل بها حتى دخلت المدينة. ففي بعض الأيام كنت جالساً عند القبر، فإذا ببدويين دخلا المسجد، فقصدا القبر، فقال أحدهما للآخر: هذا صاحبنا، فجاءا وسلما علي، وقالا: رأيناك في موضع كذا وكذا، وقد ضربك السموم، فحركناك فلم تنتبه، فتركنا عندك الماء والتمر. قال: فقلت في نفسي: ما اصطدنا شيئاً، وخاب ظننا. فكان يمزح إذا حكى هذه الحكاية، ويقول: هذه كانت من آياتي! روى أبو القاسم بن القشيري بإسناده أن أبا عبد الله بن خفيف قال: دخلت بغداد قاصداً إلى الحج، وفي رأسي نخوة الصوفية، ولم آكل الخبز أربعين يوماً.. ولم أشرب إلى زبالة، وكنت على طهارتي. فرأيت ظبياً على رأس البئر، وهو يشرب، وكنت عطشان، فلما دنوت من البئر، ولى الظبي، وإذا الماء في أسفله، فمشيت، فقلت: يا سيدي، ما لي محل هذا الظبي؟! فسمعت من خلفي: جربناك فلم تصبر! ارجع وخذ الماء. فرجعت وإذا البئر ملأى ماء، فملأت ركوتي، وكنت أشرب منه وأتطهر إلى المدينة ولم ينفد. ولما استقيت، سمعت هاتفاً يقول: إن الظبي جاء بلا ركوة ولا حبل، وأنت جئت مع الركوة! فلما رجعت من الحج دخلت الجامع، فلما وقع بصر الجنيد علي قال: لو صبرت لنبع الماء من تحت رجلك، لو صبرت صبر ساعة، صبر ساعة! قال أبو عبد الله محمد بن عبد الله الشيرازي: نظر أبو عبد الله بن خفيف يوماً إلى أبي مكتوم وجماعة من أصحابه يكتبون شيئاً،