تستعين بها على ما أنت عليه. قال: ارددها على من ظلمته بها. قال: والله ما أعطيك إلا ما ورثته. قال: لا حاجة لي فيها، ازوها عني زوى الله عنك أوزارك. قال: فغير هذا. قال: هات ما لم تكن رزية في دين. قال: تأخذها تقسمها. قال: فلعلي إن عدلت في قسمها أن يقول بعض من لم يرزق منها: إنه لم يعدل في قسمتها، فيأثم، ازوها عني زوى الله عنك أوزارك.
قال محمد بن الفضل أبو النعمان السدوسي: كان لمحمد بن سليمان الهاشمي مولى يقال له منصور، له منه منزلة، وكان موسراً، وكان ظلوماً شديد التعدي على الناس، فاغتصب منصور هذا رجلاً من بني سليم أرضاً على حد أرض له، وكان بين الأرضين حائط، فقلع الحائط وخلطهما، فجاء السلمي إلى حماد بن زيد، وكان يجالسه، ويسمع العلم منه، فاشتكى ذلك غليه، وسألته معونته على حقه، فقال له حماد: إذا وقفت على صحة ذلك، فعلت. فأتاه برجلين ثقتين عنده، فصدقا قول السلمي، وكان حماد لا يزال يسمع من يشتكي منصوراً هذا ويتظلم منه كثيراً، فقال حماد للسلمي: اكتب إلى الأمير - يعني محمد بن سليمان - قصة تصف فيها ظلامتك، وتستظهر بمعرفتي، ففعل، وتلطف في رفعها، فلما قرأها محمد بعث إلى حماد يستدعيه، فأتاه، فحادثه قليلاً، ثم دفع القصة إليه، فقرأها، فقال: ما عندك فيما ذكر هذا الرجل؟ فقال: هو حق وصدق، قد غصبه مولاك هذا أرضه، ولا أزال أسمع كثيراً من الناس ينسبونه إلى التعدي والظلم، وأمسك. فعاد محمد إلى محادثته ملياً. ثم نهض حماد فانصرف، فبعث محمد إلى منصور، فأتى به، فقال له: لولا أن لحماد بن زيد في أمر سبباً لضربت عنقك. ثم أمر به، فأثقل حديداً، وطرح في السجن حياة محمد بن سليمان كلها إلى أن مات، فأطلق بعد موته.
قال موسى بن داود: دخل محمد بن سليمان بن علي المسجد الحرام، فرأى أصحاب الحديث يمشون خلف