للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجل من المحدثين ملازمين له. فالتفت إلى من معه، فقال: لأن يطأ هؤلاء عقبي كان أحب إلي من الخلافة.

قال سعيد بن عامر:

كان والي البصرة محمد بن سليمان، فكان كلما صعد المنبر أمر بالعدل والإحسان، فاجتمع قوم من نساك أهل البصرة فقالوا: ما ترون ما نحن فيه من هذا الظلم الجائر، وما يأمر به؟! فأجمعوا على أن ليس له إلا أبو سعيد الضبعي. فلما كان يوم الجمعة احترشوا أبا سعيد الضبعي، فكان يصلي ولا يتكلم حتى يحرك. فلما تكلم محمد بن سليمان حركوه فقالوا له: يا أبا سعيد، محمد بن سليمان يتكلم على المنبر يأمر بالعدل والإحسان! فقام، فقال: يا محمد بن سليمان، إن الله يقول في كتابه: " يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون. كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون " يا محمد بن سليمان، إنه ليس بينك وبين أن تتمنى أن لم تخلق إلا أن يدخل ملك الموت من باب بيتك. قال: فخنقت محمد بن سليمان العبرة، فلم يقدر أن يتكلم. فقام جعفر بن سليمان إلى جنب المنبر فتكلم عنه. قال: فأحبه النساك حين خنقته العبرة، وقالوا: مؤمن مذنب.

حدث إبراهيم بن محمد بن عرفة قال: ولما بويع الرشيد بالخلافة، قدم عليه محمد بن سليمان وافداً، فأكرمه، وأعظمه، وبره، وصنع به ما لم يصنع بأحد؛ زاده فيما كان يتولاه من أعمال البصرة كور دجلة والأعمال المفردة والبحرين والفرض وعمان واليمامة وكور الأهواز وكور فارس، ولم يجمع هذا لأحد غيره. فلما أراد الخروج، شيعه الرشيد إلى كلواذى.

<<  <  ج: ص:  >  >>