بقيت معي إلا نفيقة يسيرة، لأني كنت اشتريت لأهلي طرائف من طرائف الري، فشخصت، وآليت ألا أدخل بغداد، وللمنصور بها ولاية! فلما مات المنصور، واستخلف المهدين قدمت بغداد، فألفيت رجلاً، يقال له: ابن ثوبان، قد نصبه المهدي للمظالم، فكتبت قصة أشرح فيها ما جرى علي، فرفعها ابن ثوبان إلى المهدي، فلما قرأها، ضحك، حتى استلقى، ثم قال: هذه مظلمة أنا بها عارف. ردوا عليه ماله الأول، وضموا إليه عشرين ألفاً.
روى الزبير بن بكار عن بعض أصحابه قال: كان المهدي مستهتراً بالخيزران لا يكاد أن يفارقها في مجلس يلهو به، فجلس يوماً مع ندمائه، فاشتاق إليها، فكتب إليها بهذه الأبيات: من الخفيف
نحن في أطيب السرور ولكن ... ليس إلا بكم يطيب السرور
عيب ما نحن فيه يا أهل ودي ... أنكم غبتم ونحن حضور
فأغذوا المسير، بل إن قدرتم ... أن تطيروا مع الرياح، فطيروا
فأجابته الخيزران بهذه الأبيات:
قد أتانا الذي قد ذكرت من ال ... شوق فكدنا وما فعلنا نطير
ليت أن الرياح كن يؤد ... ين إليكم بما يجن الضمير
لم أزل صبة فإن كنت بعدي ... في سرور فطاب ذاك السرور
وقال عمر بن شبة: كانت للمهدي جارية يحبها حباً شديداً، وكانت شديدة الغيرة عليه في سائر