سقطت نفوس بني الكرام فأصبحوا ... يتطلبون مكاسب الأنذال
وأقل ما طلب الزمان مساءتي ... إلا صبرت وإن أضر بحالي
نفسي تراودني وتأبى همتي ... أن أستفيد غنى بذل سؤالي
دخل القاضي أبو نصر البنص مجلس الأمير سيف الدولة، فطرح من كمه كيساً فارغاً ودرجاً فيه شعرٌ، واستأذن الأمير في قراءته، فأذن له، فلما فرغ من إنشاءه ضحك الأمير وأمر له بألف درهمٍ صحاحٍ، فجعلت في كيسه الذي جاء معه، وكانت الأبيات: من الطويل
حباؤك معتادٌ وأمرك نافذٌ ... وعبدك محتاجٌ إلى ألف درهم
ولم أحظ من إنشاد شعري بطائلٍ ... ولم أعط رزقاً مثل شهر المحرم
أروح وأغدو بين عسرٍ وعلةٍ ... ودينٍ وإفلاسٍ وقلبٍ مقسم
تباعد مني ما توهمت قربه ... فلم يبق مني الهم إلا توهمي
أسأل عن أمري فأبقى لحيرتي ... وطول اكتئابي باهتاً مطبقاً فمي
لئن قلت: أنشدت الأمير قصيدةً ... كوشي رياضٍ جادها صوب مرزم
فأطلق أرزاقي وأسنى عطيتي ... وجاد بأفضالٍ علي وأنعم
كذبت وإن أصدق تكذب مقالتي ... جميع البرايا من فصيحٍ وأعجم
ومن يلتمس يوماً بفضل خصامه ... مغالبة الإجماع يغلب ويخصم
لئن لم تجد لي عاجلاً غير آجلٍ ... بألفٍ صحاحٍ لم تشب بمثلم
رجعت إلى بيتي وصفرت لحيتي ... وسميت نفسي لوردكن بن رستم
وجئت بسكينٍ وخرجٍ وخنجرٍ ... وترسٍ وزوبينٍ وقوسٍ وأسهم
وأعصب رأسي بعد ذاك بخرقةٍ ... وأحضر يوم العرض في زي ديلمي
فتفرض لي في كل شهرين بدرةً ... لشدة بأسي في الوغى وتقدمي
فآخذها حتى إذا ما بعثت بي ... مقدمةً في ماقطٍ يوم صيلمي
هربت على وجهي فراراً من العدى ... ولم آمن الجهال غب تعجمي