ما أرانا إلا قد أنفضناك قال: قلت: كلا، إنما كنت في عزازٍ من الأرض، الآن هبطت بطون الأودية.
سأل هشام بن عبد الملك الزهري أن يملي على بعض ولده، فدعا بكاتبٍ، فأملى عليه أربع مئة حديث، ثم خرج الزهري من عند هشام، قال: أين أنتم يا أصحاب الحديث؟ فحدثهم بتلك الأربع مئة الحديث، ثم أقام شهراً أو نحوه، ثم قال للزهري: إن ذلك الكتاب الذي أمليت علينا قد ضاع؛ قال: فلا عليك ادع بكاتبٍ، فحدثه بالأربع مئة الحديث، ثم قابل هشامٌ بالكتاب الأول فإذا هو لا يغادر حرفاً واحداً.
كان الزهري لا يترك أحداً يكتب بين يديه، فأكرهه هشام بن عبد الملك، فأملى على بنيه؛ فلما خرج من عنده دخل المسجد، فاستند إلى عمودٍ من عمده، ثم نادى: يا طلبة الحديث، قال: فلما اجتمعوا إليه، قال: إني كنت منعتكم أمراً بذلته لأمير المؤمنين آنفاً، هلم فاكتبوا، قال: فكتب عنه الناس من يومئذ، وزاد في آخر بمعناه: قال: فسمعهم يقولون: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: يا أهل الشام، ما لي أرى أحاديثكم ليست لها أزمةٌ ولا خطم؟ قال الوليد بن مسلم وقبض يده وقال: تمسك أصحابنا بالأسانيد من يومئذٍ.
وفي آخر مختصراً: قال الزهري: كنا نكره الكتاب حتى أكرهنا عليه الأمراء، فرأيت أن لا أمنعه مسلماً.
وقال مالك:
أول من دون العلم وكتبه ابن شهاب، قال سفيان: كان الزهري أعلم أهل المدينة؛ قال عمر بن عبد العزيز: ما رأيت أحداً آمن في الحديث من ابن شهاب، وما رأيت