قال أحمد بن محمد بن أبي العجائز وغيره من مشايخ دمشق: لما دخل أحمد بن طولون دمشق وقع فيها حريق عند كنيسة مريم فركب إليه أحمد بن طولون ومعه أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو وأبو عبد الله أحمد بن محمد الواسطي كاتبه ينظرون إلى الحريق، فالتفت أحمد بن طولون إلى أبي زرعة، فقال: ما يسمى هذا الموضع؟ فقال له أبو زرعة: يقال له كنيسة مريم. فقال أبو عبد الله: وكان لمريم كنيسة؟ فقال أبو زرعة: إنها ليست مريم بنت عمران أم عيسى وإنما بنى النصارى هذه الكنيسة فسموها باسمها. فقال أحمد بن طولون لأبي عبد الله الواسطي: ما أنت والاعتراض على الشيخ. ثم أمر بسبعين ألف دينار تخرج من ماله وتعطى كل من احترق له شيء ويقبل قوله ولا يستحلف عليه. فأعطوا وفضل من المال أربعة عشر ألف دينار، وكان يجري ذلك على يد أبي عبد الله الواسطي فراجع أبو عبد الله بن طولون فيما بقي من المال، فأمر أن يفرق على أصحاب الحريق على قدر شهامتهم ولا يرد إلى بيت المال منه شيء.
وذكر ابن أبي مطر القاضي في كتابه قال: توفي بكار بن قتيبة يوم الأربعاء بعد صلاة العصر لست خلون من ذي الحجة سنة سبعين ومئتين. ومات ابن طولون قبله بشهر وأربعة أيام.
قال محم بن علي المادرائي: كنت أجتاز تربة أحمد بن طولون فأرى شيخاً عند قبره يقرأن ملازماً القبر، ثم إني لم أره مدة ثم رأيته بعد ذلك، فقلت له: ألست الذي كنت أراك عند قبر أحمد بن طولون وأنت تقرأ عليه فقال: بلى، كان ولينا رئاسة في هذا البلد وكان له علينا بعض العدل إن لم يكن الكل، فأحببت أن أقرأ عنده وأصله بالقرآن. قال: قلت له: لم انقطعت عنه؟ فقال لي: رأيته في النوم وهو يقول لي: أحب ألا تقرأ عندي، فكأني أقول له: لأي سبب؟ فقال: ما تمر بي آية إلا قرعت بها، وقيل لي: ما سمعت هذه؟!