وحدث أبو العباس أحمد بن خاقان، وكان ترباً لأحمد بن طولون قال:
كان طولون تركياً من جيش يقال لهم طغرغز، وكان نوح بن أسد صاحب خراسان وجهه إلى الرشيد هارون سنة تسعين ومئة. وولد أحمد في سنة أربع عشرة ومئتين من جارية تسمى هاشم، وتوفي طولون سنة ثلاثين ومئتين ولأحمد ست عشر سنة ونشأ نشوءاً حسناً في العفة والتصون والدماثة وسماع الحديث حتى انتشر له حسن الذكر، وتصور في قلوب الناس بأفضل صورة، حتى صار في عداد من يوثق به ويؤتمن على السر والفروج والمال. وكان شديد الإزراء على الأتراك وأولادهم فيم يرتكبونه، غير راض بما يفعلونه إلى أن قال يوماً: إلى كم نقيم يا أخي على هذا الإيم لا نطأ موطئاً إلا كتب علينا فيه خطيئة. والصواب أن نسأل الوزير عبيد الله بن يحيى أن يكتب لنا بأرزاقنا إلى الثغر، ونقيم في ثواب، ففعلنا ذلك. فلما صرنا إلى طرسوس سر بما رأى من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأقبل على الترهب وذكر بعد هذا أنه عاد إلى العراق فزاد محله عند الأتراك فاختاره بابكباد لخلافته على مصر، فخرج إليها. وذكر غير هذا.
ثم إنه غلب على دمشق بعد وفاة ايماجور أميرها.
قال أبو الحارث إسماعيل بن إبراهيم المري: كان أول دخول أحمد بن طولون دمشق لما سار من مصر إليها في سنة أربع وستين ومئتين، بعد موت والٍ كان به يقال له: أماجور، وأخذ له مال عظيم، وخرج عن دمشق إلى أنطاكية وحاصر بها سيما وأصحابه حتى ظفر به وقتله وأخذ له مالاً عظيماً وفتحها عنوة. وصار إلى طرسوس ثم رجع إلى دمشق في هذه السنة في آخرها، وخرج منها حتى بلغ الرقة في طلب غلام له هرب منه يقال له لؤلؤ خرج إلى أبي أحمد الموفق في الأمان. ثم رجع ابن طولون إلى دمشق فاعتل بها وخرج في علته إلى مصر فتوفي بمصر في ذي القعدة سنة سبعين ومئتين.