سنة أربعين ومئتين. ونشأ أحمد ابنه على مذهب جميل وطريقة مستقيمة، وطلب العلم وحفظ القرآن، وكان من أدرس الناس للقرآن، ورزق حسن الصوت، ودخل إلى مصر في الأربعاء لسبع بقين من رمضان سنة أربع وخمسين ومئتين.
قال: وخلف أحمد بن طولون عشرة ألف ألف دينار. وقيل إنه خلف ثلاثة وثلاثين ولداً، فيهم ذكور سبعة عشر. وأطبقت جريدته من الموالي على سبعة آلاف رجل. ومن الغلمان على أربعة وعشرين ألف غلام، ومن الخيل المروانية على سبعة آلاف رأس، ومن الجمال ألف وسبع مئة جمل، ومن بغال القباب والثقل ست مئة بغل، ومن المراكب الحربية مئة مركب، ومن الدواب لركابه مئة وثلاثين دابة. وكان خراج مصر في تلك السنة مع ما انضاف إليه من صاع الأمراء بحضرة السلطان أربعة آلاف ألف وثلاث مئة ألف دينار.
وأنفق على الجامع في بنائه ونفقته مئة وعشرين ألف دينار، وعلى البيمارستان ومشتغله ستين ألف دينار، وعلى الميدان مئة وخمسين ألف، وعلى من ناب بالثغور ثمانين ألف دينار، وكان قائم صدقته في كل شهر ألف دينار.
وراتب مطبخه وعلوفته كل يوم ألف دينار، وما يجريه على جماعة من المستخدمين وأبناء السبيل سوى ما كان يجريه السلطان خمس مئة دينار، وما يحمل لصدقات الثغور في كل شهر خمس مئة دينار، وما يقيمه من الأنزال والوظائف في كل شهر ألفي دينار.
وحكي أن الجيش فرق كسوة أحمد في حاشيته. قال الحاكي: فلحقني منها نصيب، فما خلا ثوب منها من الرفاء ووجدت في بعضها رقعة.
وكان أحمد بن طولون يقول: ينبغي للرئيس أن يجعل اقتصاده على نفسه وسماحته على من يشمله وقاصديه، فإنه يملكهم ملكاً لا يزول عن قلوبهم ولا تشذ معه سرائرهم.