كان المنكدر خال عائشة، فشكى إليها الحاجة، فقالت له: أول شيءٍ يأتيني أبعث به إليك؛ فجاءتها عشرة آلاف درهمٍ فبعثت بها إليه، فاشترى المنكدر جاريةً من العشرة آلاف، فولدت له محمداً وأخويه.
وكان ابن المنكدر من معادن الصدق، ويجتمع إليه الصالحون، وكان سفيان يقول: لم ندرك أحداً أجدر أن يقبل الناس منه إذا قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، من محمد بن المنكدر؛ وكان ابن المنكدر هو الغاية في الإتقان والحفظ والزهد، وهو حجةٌ.
قال سفيان: تعبد ابن المنكدر وهو غلام، وكانوا أهل بيت عبادةٍ.
قال ابن بكير: محمد، وأبو بكر، وعمر، بنو المنكدر لا يدري أيهم أفضل قالت أم محمد بن المنكدر: يا بني، لو نمت، فقد طال سهرك فقال لها: يا أمه إني لأرى الليل قد أقبل فيهولني سواده، فأصبح ولم تنقض منه نهمتي بعد قال إبراهيم: رأيت محمد بن المنكدر يصلي في مقدم المسجد، فإذا انصرف مشى قليلاً ثم استقبل القبلة فمد يديه ودعا، ثم يمشي ثم ينحرف عن القبلة ويشهر يديه ويدعو؛ قال: كان يفعل ذلك حتى يخرج من المسجد فعل المودع.
وكان ابن المنكدر ربما قام الليل يصلي، ويقول: كم من عين الآن ساهرةٍ في رزقي؛ وكان له جارٌ مبتلى، قال: فكان يرفع صوته من الليل يصيح، فكان محمد يرفع صوته بالحمد؛ فقيل له في ذلك، فقال: يرفع صوته بالبلاء، وأرفع صوتي بالنعمة.
كان محمد بن المنكدر إذا بكى مسح وجهه ولحيته من دموعه، ويقول: بلغني أن النار لا تأكل موضعاً مسته الدموع.
وقال محمد: قال الله عز وجل: " نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة " قال: تأكله النار