حدث المعتصم، عن المأمون، عن آبائه إلى ابن عباس، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:" لا تحتجموا يوم الخميس فإنه من يحتجم فيه فيناله مكروهٌ فلا يلومن إلا نفسه ".
وأم المعتصم أم ولدٍ اسمها ماردة، لم تدرك خلافته، والمعتصم يقال له: الثماني، لأنه ولد سنة ثمانين ومئة، في الشهر الثامن، وهو ثامن الخلفاء، والثامن من ولد العباس، وفتح ثمانية فتوحاتٍ، وولد له ثمان بنين، وثمان بنات، ومات وعمره ثمان وأربعون سنةً، وخلافته ثمان سنين وثمانية أشهرٍ ويومان، وقتل ثمانية أعداء: بابك ومازيار وياطس ورئيس الزنادقة والأفشين وعجيفاً وقارن وقائد الرافضة.
وكان المعتصم أبيض، أصهب اللحية طويلها، مربوعاً مشرب اللون.
وبويع للمعتصم يوم مات المأمون سنة ثمان عشر ومئتين، ودخل بغداد على بغلٍ كميتٍ بسرجٍ مكشوفٍ وعليه قلنسوةٌ لاطئةٌ وسيفٌ بمعاليق، فأخذ على باب الشام حتى عبر الجسر، ثم دخل من باب الرصافة فأخذ يمنة حتى دخل الدار التي كان ينزلها المأمون من باب العامة.
كان مع المعتصم غلامٌ معه في الكتاب، فمات الغلام، فقال له الرشيد: مات غلامك؟ قال: نعم، واستراح من الكتاب قال الرشيد: وإن الكتاب ليبلغ منك هذا المبلغ؟ دعوه إلى حيث انتهى، ولا تعلموه شيئاً؛ فكان يكتب كتاباً ضعيفاً، ويقرأ قراءة ضعيفةً.
قال الزبير بن بكار: لما قدمت إلى الرشيد لأحدث أولاده بالأخبار التي صنفتها، أعجل المعتصم في القصر فعثر، فكادت إبهامه تنقطع، فقام وهو يقول: من الطويل
يموت الفتى من عثرةٍ بلسانه ... وليس بموت المرء من عثرة الرجل
فعثرته من فيه ترمي برأسه ... وعثرته بالرجل تبرا على مهل
كذا، وقد وهم فإن الزبير لم يكن في زمن الرشيد يقرأ عليه، فإنه كان ميتاً إذ ذاك، وإنما قرئ عليه في أيام المتوكل والذي عثر المعتز بن المتوكل.