قلت: لا أعرفه؛ قال: أفتعرف غلاماً له قد نبغ، معه ذهنٌ، وله حفظٌ، قد برز في النحو، وجلس مجلس صاحبه، وشاركه فيه يعرف بالمبرد؟ قلت: أنا والله عين الخبير به؛ قال: فهل أنشدك شيئاً من عبثات شعره؟ قلت: لا أحسبه يحسن قول الشعر، قال: يا سبحان الله، أليس هو الذي يقول: من مجزوء الكامل
حبذا ماء العناقي ... د بريق الغانيات
بهما ينبت لحمي ... ودمي أي نبات
أيها الطالب أشهى ... من لذيذ الشهوات
كل بماء المزن تفا ... ح الخدود الناعمات
قلت: قد سمعته ينشد هذا في مجلس الأنس؛ قال: يا سبحان الله أو يستحي أن ينشد مثل هذا حول الكعبة؟ ما تسمع الناس يقولون في نسبه؟ قلت: يقولون: هو من الأزد أزد شنؤه، ثم من ثمالة؛ قال: قاتله الله، ما أبعد غوره؛ أتعرف قوله: من الوافر
سألنا عن ثمالة كل حي ... فقال القائلون ومن ثمالة
فقلت محمد بن يزيد منهم ... فقالوا زدتنا بهم جهالة
فقال لي المبرد خل قومي ... فقومي معشرٌ فيهم نذالة
قلت: أعرف هذه الأبيات لعبد الصمد بن المعذل يقولها فيه؛ قال: كذب كل من ادعى هذه غيره، هذا كلام رجلٍ لا نسب له يريد أن يثبت له بهذا الشعر نسباً؛ قلت: أنت أعلم؛ قال: يا هذا غلبت بخفة روحك، وتمكنت بفصاحتك من استحساني وقد أخرت ما كان يجب أن أقدمه، الكنية أصلحك الله؟ قلت: أبو العباس؛ قال: فالاسم؟ قلت: محمد؛ قال: فالأب؟ قلت: يزيد؛ قال: قبحك الله، أحوجتني إلى الاعتذار إليك مما قدمت ذكره، ثم وثب باسطاً يده لمصافحتي، فرأيت