للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وأحسن ما سمع منه: جاءه مولود، ولم يكن له شيء من الدنيا، فقال لتلميذ له قد جاءنا البارحة مولود، خذ لنا وزنة دقيق بنسيئة فقال تلميذه: والله إن هذه لمسبة على علماء الشام وعقلائها إذ لا يفتقدون هذا الشيخ، يجيئه مولود فلا يملك ثمن وزنة دقيق.

قال: وكان بعض التجار قد وجه متاعاً إلى مصر، فنوى إن سلمه الله في ذهابه ومجيئه أن لأحمد مئتي درهم صحاحاً. فلما جاء المولود جاء المتاع، فدفع التاجر المئتي درهم إلى غلام له وقال: ادفعها إلى أحمد، وقل له: إن سيدي نذر إن سلم الله متاعه فلك فيه مئتا درهم، وقد سلمه الله عز وجل، فقال تلميذه: الحمد لله قد فرج عن الشيخ، فالدراهم بين يديه، حتى جاءه رجل فقال: يا أحمد البارحة جاءني مولود، عندك من الدنيا شيء؟ فرفع رأسه إلى السماء وقال: يا مولاي، هكذا بالعجلة ودفع المئتي الدرهم إليه، ثم قال لتلميذه: قم ويحك جئنا بالدقيق.

قال أحمد بن أبي الحواري: قلت لأبي سليمان: صليت صلاة في خلوة فوجدت لها لذة، قال: وأي شيء ألذك فيها؟ قلت: حيث لم يرني أحد، فقال: إنك لضعيف حيث خطر بقلبك فكر الخلق.

قال محمد بن عوف: رأيت أحمد بن أبي الحواري عندنا بانطرسوس، فلما أن صلى العتمة قام يصلي على الحائط، فاستفتح ب " الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين ". ثم رجعت فنمت ليلتي جمعاء، فلما كان السحر قبل انشقاق الفجر مررت بأحم بن أبي الحواري، وهو يقرأ " إياك نعبد وإياك نستعين " فلم يزل يرددها من العتمة إلى الصبح.

قال عبد الله بن أحمد بن أبي الحواري: كنا نسمع بكاء أبي بالليل حتى نقول قد مات، ثم نسمع ضحكه حتى نقول قد جن.

<<  <  ج: ص:  >  >>