قال أبو حشيشة: أول من سمعني من الخلفاء المأمون، وهو بدمشق، وصفني له مخارق، فأمر بإشخاصي إليه، وأمر لي بخمسة آلاف درهم أتجهز بها، فلما وصلت إليه أدناني وأعجب بي، وقال للمعتصم: هذا ابن من خدمك وخدم آبائك وأجدادك يا أبا إسحاق، كان جد هذا أمية كاتب جدك المهدي على كتابة السر وبيت المال والخاتم، وحج المهدي أربع حجج وكان جد هذا زميله فيها؛ واشتهى المأمون من غناي:" من الرمل "
كان ينهى فنهى حين انتهى ... وانجلت عنه غيابات الصبا
خلع اللهو وأضحى مسبلاً ... للنهى فضل قميص وردا
كيف يرجو البيض من أوله ... في عيون البيض شيب وجلا
كان كحلاً لماقيها فقد ... صار بالشيب لعينييها قذى
الشعر لدعبل.
قال أبو حشيشة: وكان مخارق قد نهاني أن أغني ما فيه ذكر الشيب من هذا الشعر.
عن حماد بن إسحاق بن إبراهيم الموصلي، قال: قال مخارق: أنشدت المأمون قول أبي العتاهية: " من الطويل "
وإني لمحتاج إلى ظل صاحب ... يرق ويصفو إن كدرت عليه
فقال لي: أعد، فأعدت سبع مرات، فقال لي: يا مخارق خذ مني الخلافة وأعطني هذا الصاحب، لله در أبي العتاهية ما أحسن ما قال!