عن شرحبيل بن أبي عون، عن أبيه، قال: لما دنا الحصين بن نمير من مكة أخرج المسور بن مخرمة سلاحاً قد حمله من المدينة ودروعاً، ففرقها في مواليه كهول، فرس، جلد، فدعاني ثم قال لي: يا مولى عبد الرحمن بن مسور. قلت: لبيك. قال: اختر درعاً من هذه الأدراع. قال: فاخترت درعاً وما يصلحها، وأنا يومئذ شاب غلام حدث. قال: فرأيت أولئك الفرس قد غضبوا وقالوا: تخير هذا الصي علينا، والله لولا الجد لتركك. قال المسور: لتجدن عنده حزماً.
فلما كانت الوقعة لبس المسور سلاحه، درعاً وما يصلحها، فأحدق به مواليه ثم اكشفوا عنه، واختلط الناس، فالمسور يضرب بسيفه، وابن الزبير في الرعيل الأول يرتجز قدماً، ومصعب بن عبد الرحمن معه يفعلان الأفاعيل، إلى أن أحدقت جماعة منهم بالمسور، فقام دونه مواليه فذبوا عنه كل الذب، وجعل يصيح بهم ويكنيهم بكناهم، فما خلص إليه، ولقد قتلوا من أهلالشام يومئذ نفراً.
وعن أم كر بنت المسور وأبي عون قالا: أصاب المسور بن مخرمة حجر من المنجنيق ضر البيت، فانفلق منه فلقة فأصابت خد المسور وهو قائم يصلي، فمرض منها أياماً، ثم هلك في اليوم الذي جاء فيه نعي يزيد بن معاوية، وابن الزبير يومئذ لا يسمى بالخلافة، الأمر شورى.
قالت أم بكر: كنت أرى العظام تنتزع من صفحته، وما مكث إلا خمسة أيام حتى مات.
عن زيد بن أسلم، قال: أغمي على المسور بن مخرمة، ثم أفاق فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، أحب إلي من الدنيا وما فيها، عبد الرحمن بن عوف في الرفيق الأعلى " مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً "، عبد الملك والحجاج يجران أمعاءهما في النار.