والله ما أدري على ما أنا؛ لا يعيش على بصيرة، ويعطي المال من مال الله على أن يتكلم بكلام الزور الذي يسخط الله. اللهم آت معاذ نصيبهم من هذه الرحمة. فطعن ابناه، فقال: كيف تجدانكما؟ قالا " " الحق من ربك فلا تكونن من الممترين "، وقال: وأنا ستجداني إن شاء الله من الصابرين. ثم طعنت امرأتاه، فهلكتا، وطعن هو في إبهامه فجعل يمسها بفيه ويقول: اللهم إنها صغيرة فبارك بها، فإنك تبارك في الصغير. حتى هلك.
عن عبد الرحمن بن غنم، قال: وقع الطاعون بالشام، فخطب الناس عمرو بن العاص فقال: هذا الطاعون رجز ففروا منه في الأودية والشعاب؛ فبلغ ذلك شرحبيل بن حسنة فغضب، فجاء يجر ثوبه، ونعلاه بيده فقال: صحبت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولكنه رحمه ربكم ودعوة نبيكم ووفاة الصالحين قبلكم - أو قال: ممات الصالحين - فبلغ ذلك معاذ بن جبل، فقال: اللهم اجعل نصيب آل معاذ الأوفر، فماتت ابنتاه في قبر واحد، فطعن ابنه عبد الرحمن فقال " الحق من ربك فلا تكونن من الممترين " فقال معاذ: " ستجدوني إن شاء الله من الصابرين ". قال فطعن معاذ على كفه فجعل يقلبها ويقول: هي أحب إلي من حمر النعم. فإذا سري عنه قال: رب غم غمك، فإنك تعلم أني أحبك.
قال: ورأى رجلاً يبكي عنده، فقال له: ما يبكيك؟ قال: ما أبكي على دنيا كنت أصيبها منك، ولكن أبكي على العلم الذي كنت أصيبه منك. قال: فلا تبكه، فإن إبراهيم صلوات الله عليه وسلامه كان في الأرض وليس بها علم فأتاه الله علماً، فإن أنا مت فاطلب العلم عند أربعة، عند عبد الله بن مسعود وعبد الله بن سلام وسلمان الفارسي وعويمر أبي الدرداء.
وعنه، قال: حضرت معاذ بن جبل وهو عند رأس ابن له يجود بنفسه، فما ملكنا أن ذرفت أعيننا أو انتحب بعضنا، فحرد معاذ وقال: مه؟ والله ليعلم رضاي بهذا أحب إلي من كل