انحدر عبد الله وعمرو ابنا عتبة إلى البصرة، فلقيا معاوية بالكوفة قالا: فقال لنا: يا أبناء أخي اتقيا الله، فإنها تكفي من غيرها، واشتريا بالمعروف عرضكما من الأذى، وذللا ألسنتكما بالوعد، وصدقاها منكما بالفعال، واعلما أن الطلب وإن قل أعظم من الحاجة قدراً وإن عظمت، واعلماً أن أغنى الناس من كثرت حسناته وأفقرهم من كثرت سيئاته، وأنه لا وجع أشد من الذنوب، وأن الدهر ليس بغافل عن من غفل.
قيل لابن السماك: أي الأعداء لا يحب أن يعود صديقاً؟ قال: من سبب عداوته النعمة؛ يعني الحاسد. ثم قال ابن السماك: قال معاوية: كل الناس أستطيع أن أرضيه إلا حاسد نعمة، فإنه لا يرضيه إلا زوالها.
قال معاوية: المروءة ترك اللذة، وعصيان الهوى.
وقال معاوية: المروءة في أربع: العفاف في الإسلام، واستصلاح المال، وحفظ الإخوان، وعون الجار.
وقال معاوية لبنيه: يا بني إنكم تجار قوم لا تجارة لهم غيركم، فلا يكون تجار أربح منكم، فإن أدنى ما يرجع به الخائب عنكم تخطئة ظنه فيكم.
كان عبد الصمد بن علي لا يخضب، فقيل له: لو خضبت؛ قال أتشبه بشيخ من بني عبد مناف، كان له شأن، فقيل له: علي؟ قال: لم أرد علياً، إنما عنيت معاوية، كان لا يخضب.
كان معاوية يقول الشعر، فلما ولي الخلافة أتاه أهله فقالوا: قد بلغت الغاية فما تصنع بالشعر؟ ثم ارتاح يوماً فقال: من الوافر
سرحت سفاهتي وأرحت حلمي ... وفي على تحملي اعتراض
على أني أجيب إذا دعتني ... إلى حاجاتها الحدق المراض