قال معبد: بدت لي حاجة إلى خولة بنت منظور بن زبان، وهي أم حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب، وأم إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله، قال: فجعلت ذريعتي إليها أن غنيتها شعراً فيها وهو: من الوافر
كأنك مزنة برقت بليل ... لعطشان يضيء له سناها
فلم تمطر عليه وجاوزته ... وقد أشفى عليها أو رجاها
قال: فاهتزت العجوز لهذا الشعر كما يهتز الغصن تحت الرياح وقالت: يا عبد آل قطن! قيل هذا الشعر في، وأنا أحسن من النار الموقدة.
غدا الأحوص على امرأة لها شرف، وهي في قصرها بالعقيق، فوجد عندها معاذاً الزرقي - وكان حسن الغناء - ومعبداً المغني، وابن صياد النجاري وكان مضحكاً مليحاً، فطلب إذن عليها، فرد عن بابها فانصرف وهو يقول: من البسيط
ضنت عقيلة لما جئت بالزاد ... وآثرت حاجة الثاوي على الغادي
فقلت والله لولا أن تقول له ... قد باح بالسر أعدائي وحسادي
قلنا لمنزلها حييت من طلل ... وللعقيق ألا بوركت من وادي
إني وهبت نصيبي من مودتها ... لمعبد ومعاذ وابن صياد
لابن اللعين الذي يخبى الدخان له ... وللمغني رسول السوء قواد
أما معاذ فإني غير ذاكره ... كذاك أجداده كانوا لأجدادي
قال: وإنما ترك معاذاً لأنه كان جلداً خاف أن يضربه، وغضب عليه معبد وقال: لا أغني بشعره أبداً. فبلغ ذلك الأحوص، فركب راحلته وحمل معه مذرعاً