به منكم، إنه قاتلي. قالوا: كلا. فأقبل معهم، فقال له مسلم: أهلاً بأبي محمد، أظنك ظمآناً، وأظن هؤلاء أتعبوك. قال: أجل. قال: شوبوا له عسلاً بثلج، من العسل الذي حملتموه لنا من حوارين. فسقوه فقال: سقاك الله أيها الأمير من شراب الجنة. قال: لا جرم والله لا تشرب بعدها - لا أم لك - شراباً حتى تشرب من حميم جهنم. قال: أنشدك الله والرحم. قال: ألست القائل ليلة لقيتك بطبرية وأنت منصرف من عند أمير المؤمنين، وقد أحسن جائزتك: سرنا شهراً وحسرنا ظهراً ورجعنا صفراً، نرجع إلى المدينة، فنخلع الفاسق شارب الخمر، ونبايع رجلاً من المهاجرين أو أبناء المهاجرين؟ يا تيس أشجع! فيم غطفان وأشجع من الخلع والتأمير؟! إني عاهدت الله لا ألقاك في حرب أقدر فيها على قتلك إلا قتلتك. وأمر به فقتل، وقال لعمرو بن محرز: واره. فقال: تقتله أنت وأواريه أنا!؟ قال: نعم.
قالوا: ولما أمر مسلم بقتل معقل قال: أسألك بالرحم. قال: ما عذري عند أمير المؤمنين إذاً؛ أن أقتل بني عمه وتركت بني عمي؟ وقتله. فقال عاصم الأشجعي يرثي معقلاً: من الطويل
وقائلة تبكي بعين سخينة ... جزى الله خيراً معقل بن سنان
فتى كان غيثاً للفقير ومعقلاً ... حريزاً لما يخشى من الحدثان
وقال يذم عمرو بن محرز إذ ترك دفنه: من الطويل
بني محرز هلا دفنتم أخاكم ... ولم تتركوه للضباع الخواضع
تلعبتم جهلاً بلحم ابن عمكم ... وأسلمتوه للسيوف القواطع
تعاوره أرماحكم وسيوفكم ... وتلك لعمر الله إحدى البدائع