أبي موسى أن لا تجالسوا أبا بكرة فإنه شيطان. فحلف أبو بكرة أن لا يكلم زياداً أبداً. فولى زياد البصرة بعد ذلك، فلم يكلمه حتى مات.
وقيل: إن عمر قال لأبي موسى: إني مستعملك، وإني أبعثك إلى أرض قد باض فيها الشيطان وأفرخ، فالزم ما تعرف، ولا تبدل فيستبدل الله بك. فخرج أبو موسى حتى أناخ بالبصرة، فدفع إلى المغيرة كتاب عمر، وإنه لأوجز كتاب كتب به أحد من الناس أربع كلم؛ عزل فيها وعاتب واستحث وأمر: أما بعد، فإنه بلغني عنك نبأ عظيم، فبعثت أبا موسى أميراً، فسلم له ما في يديك، والعجل. وكتب إلى أهل البصرة: أما بعد، فإني قد بعثت أبا موسى أميراً عليكم ليأخذ لضعيفكم من قويكم، وليقاتل بكم عدوكم، وليدفع عن ذمتكم، وليجبي لكم فيئكم، ثم ليقسمه فيكم، ولينقي لكم طرفكم. ورحل المغيرة وأبو بكرة ونافع بن كلدة وزياد بن أبي سفيان، وشبل بن معبد البجلي؛ حتى قدموا على عمر، فجمع بينهم وبين المغيرة، فقال المغيرة: سل هؤلاء الأعبد كيف رأوني مستقبلهم أو مستدبرهم؟ أو كيف رأوا المرأة أو عرفوها، فإن كانوا مستقبلي فكيف لم أستتر؟ أو مستدبري فبأي شيء استحلوا النظر إلي في منزلي على امرأتي؟! إني والله ما أتيت إلا امرأتي - وكانت تشبهها. فبدأ بأبي بكرة فشهد عليه أنه رآه بين رجلي أم جميل وهو يخرجه ويدخله كالملمول في المكحلة، قال: كيف رأيتهما؟ قال: مستدبرهما. قال: فكيف استبنت رأسها؟ قال: تجانبت؛ ثم دعا شبل بن معبد، فشهد بمثل ذلك، قال: أستدبرتهما أم استقبلتهما؟ قال: استقبلتهما. وشهد نافع بمثل شهادة أبي بكرة، ولم يشهد زياد بمثل شهادتهم، قال: رأيته جالساً بين رجلي امرأة، فرأيت قدمين مخضوبتين