فقلت: ألم تقل أنك رأيت رجلاً يقبلها؟ قال: بلى، رأيت أباها يقبلها. فإذا ذكرت ما فعل بي غاظني ذلك.
خطب المغيرة بن شعبة وفتى من العرب امرأة، وكان الفتى طريراً جميلاً، فأرسلت المرأة إليهما: لست أجيب أحداً منكما دون أن أراه وأسمع كلامه، فاحضرا إن شئتما. فحضرا، فأجلستهما حيث تراهما وتسمع كلامهما، فلما رآه المغيرة ونظر إلى جماله وشبابه وهيئته أيس منها وعلم أنها تؤثره عليه؛ فأقبل على الفتى وقال: لقد أوتيت جمالاً وحسناً وثياباً فهل عندك سوى ذلك؟ قال: نعم؛ وعدد محاسن ثم سكت، فقال له المغيرة: كيف حسابك؟ قال: ما يسقط علي منه شيء، وإني لأستدرك أدق من الخردلة، قال المغيرة: لكني أضع البدرة في زواية البيت فينفقها أهلي على ما يريدون، فما أعلم بنفادها حتى يسألوني غيرها. فقالت المرأة: والله لهذا الشيخ الذي لا يحاسبني أحب إلي من هذا الذي يحصي علي مثل صغير الخردلة. فتزوجت المغيرة.
قيل للمغيرة بن شعبة: ما بقي من أربك؟ قال: الإفضال على الإخوان. قيل: فمن أحسن الناس عيشاً؟ قال: من عاش بعيشه غيره؛ قيل: فمن أسوأ الناس عيشاً؟ قال: من لا يعيش بعيشه أحد.
قيل للمغيرة بن شعبة: إني أراك تحابي! قال: إن المعرفة تنفع عند الجمل الصؤول والكلب العقور، فكيف بالمرء المسلم؟!.
وقيل: إنه قيل له: إن آذنك يؤثر بالإذن. فقال: عمره الله! إن المعرفة لتنفع عند الكلب العقور والجمل والصؤول، فكيف الحر الكريم.
عرض المغيرة بن شعبة الجند بالكوفة فوجدهم أربعة آلاف، فمر به شاب من الجند، فقال: يا غلام! زد هذا في عطائه كذا وكذا، فقام شاب كان إلى جانبه فقال: أصلحك الله، هذا ابن عمي لحاً، ليس له علي فضلة في نسب ولا نجدة، فألحقني به، قال: لا،