قال مصعب بن عبد الله: أخبرني ابن كليب مولانا قال: خرجت مع عامر بن عبد الله إلى الصلاة، فمر بمنزل المغيرة بن عبد الرحمن وبعير لد دبر، فصاح بجارية للمغيرة، فخرجت إليه، فأمرها أن تأتيه بما يعالج به الدبرة، ففعلت، فناولني رداءه، وغسل الدبرة وداواها، فقلت له: ما حملك على هذا وأنا كنت أكفيك لو أمرتني؟ قال: إن أمي ماتت وأنا صغير لا أعقل برها، فأردت أن أبرها ببر خالي.
مات عبد الرحمن بن أبي بكر فقال المغيرة بن عبد الرحمن لعامر بن عبد الله - وورثه عامر: هذا حساب ما وليت له فانظر فيه. قال: يا خال! لا أنظر في حسابك، فأعط ما أحببت وأمسك ما شئت، وما أعطيت أو أمسكت فأنت منه في سعة. فأبى عليه المغيرة إلا الحساب، فقال له عامر لما نظر في الحساب: بقيت خلة. قال: ما هي؟ قال: تحلف على حسابك عند منبر سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فألاح المغيرة من اليمين وقال: تحلفني يا بن أختي؟! فقال له عامر: فما دعاك أن تأبى إلا المحاسبة؟ وتركه من اليمين.
خرج المغيرة سفراً في جماعة من الناس، فوردوا غديراً ليس لهم ماء غيره، فأمر المغيرة بقرب العسل فشقت في الغدير وخيضت بمائه، وما شرب أحد حتى راحوا إلا من قرى المغيرة.
كان ابن هشام بن عبد الملك يسوم المغيرة بماله ببديع من فدك فلا يبيعه إياه، إلى أن غزا معه أرض الروم، وأصاب الناس مجاعة في غزاتهم، فجاء المغيرة إلى ابن هشام فقال له: قد كنت تسومني بنا لي ببديع فآبى أن أبيعكه، فاشتر مني نصفه. فاشترى نصفه بعشرين ألف دينار، فأطعم بها المغيرة الناس. فلما رجع ابن هشام من غزاته، وقد بلغ هشاماً الخبر، فقال لابنه: قبح الله رأيك، أنت ابن أمير المؤمنين وأمير الجيش، تصيب