للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان للمغيرة بن عبد الرحمن مولى، فهلك وترك مالاً، فأتاه رجل فقال: إن هذا الذي مات أخي. قال: أعندك بينة؟ ومن أين؟ إنما ولدنا ببلدنا. قال: فنظر إليه ساعة وصوب، وأعطاه المال. فقيل له في ذلك فقال: رأيت فيه الشبه، وإنما هي نفسي، فلأن آخذ منها لغيري أحب إلي من أن آخذ لها من غيري.

قال محمد بن فرقد مولى المغيرة بن عبد الرحمن: خرج أبي فرقد يوماً يسعى مع بغلة المغيرة، فمر بحرة الأعراب فقالوا له: يا أبا هاشم! فاض معروفك على الناس، فما بالنا أشقى الناس بك؟! فقال: خذوا هذا الغلام فهو لكم. فقلت: لأنا كنت أولى بذلك منهم، لخدمتي وحرمتي. فقال: يا فتيان! تبيعونه؟ قالوا: بكم تأخذه؟ قلت: آخذه بأربعين ديناراً، قالوا: هو لك. قال: والله لا أعرضك مثلها أبداً، أنت حر. وأعطاهم أربعين ديناراً.

قسم المغيرة بن عبد الرحمن على مماليك أهل المدينة درحمين درهمين، فأعطى رقيق عامر بن عبد الله، فأبوا أن يأخذوا، فقال لهم عامر: خذوا من خالي فإنه جواد.

أوصى أبو بكر بن عبد الله بن الزبير وأمه ريطة بنت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام إلى خاله المغيرة بن عبد الرحمن بابنه عبد الرحمن بن أبي بكر، وكان معتوهاً، يعطى الثوب يلبسه فلا يلبسه، ويطعم الطعام فلا يأكله، فكان المغيرة يجعل كوا في منزل عبد الرحمن بن أبي بكر فيجعل فيها الخبر واللحم والكعك والقديد وأنواع الطعام، وجعل معاليق تعلق عليها الثياب، فيمر عبد الرحمن بالكوة فيخلس منها الطعام فيأكله، ويمر بالثوب المعلق فيختلسه فيلبسه.

وسقط درهم لعبد الرحمن بن أبي بكر من يد المغيرة في كيس للمغيرة فيه ألف درهم؛ فجعل المغيرة يتغمغم ويقول: لا أعرف الدرهم، فقيل له: خذ أجود درهم فيها، فأبى وجعل الكيس له كله.

<<  <  ج: ص:  >  >>