الثانية التي رجع فيها من سرع اميراً على ربع اليمن.
قال المقداد:
قدمت على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعي رجلان من أصحابي، فطلبنا هل يضيفنا أحد؟ فلم يضيفنا أحد؟ فلم يضيفنا أحد، فدفع إلينا أربعة أعنز فقال: يا مقداد! خذ هذه فاحتلبها، فجزئها أربعة أجزاء، جزءاً لي، وجزءاً لك وجزءين لصاحبيك. فكنت أفعل ذلك، فلما كان ذلك ليلة شربت جزئي وشرب صاحباي جزأيهما، وجعلت جزء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في العقب، وأطبقت عليه فاحتبس النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت لي نفسي: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد دعاه أهل بيت من المدينة فتعشى معهم، ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يحتاج إلى هذا اللبن، فلم تزل نفسي تدبرني حتى قمت إلي القعب فشربت ما فيه، فلما تقار في بطني أخذني ما قدم وما حدث، فقالت لي نفسي: يجئ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو جائع ظمآن، فيرفع القعب، فلا يجد فيه شيئاً، فيدعو عليك. فتجيت كأني نائم، وما كان بي نوم، فجاء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسلم تسليمه أسمع اليقظان ولم يوقظ النائم، فلما لم ير في القعب شيئاً رفع رأسه إلى السماء فقال: اللهم أظعم من أطعمنا واسق من سقانا. فاغتنمت دعوة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخذت الشفرة وأنا أريد أن أذبح بعض تلك الأعنز فأطعمه، فضربت بيدي فوقعت على ضرعها، فإذا هي حافل، ثم نظرت إليهن جميعاً فإذا هن حفل، فحلبت في القعب حتى امتلأ، ثم أتيته وأنا أبتسم، فقال: بعض سوآتك يا مقداد. قلت يا رسول الله! اشرب ثم أخبر الخبر. ثم شرب