وعلي، وعبد الله بم مسعود، وعثمان بن مظعون، والمقداد بن الأسود الكندي، وسالم مولى أب حذيفة بن عتبة؛ اجتمعوا في دار مظعون الجمحي، فتواثقوا أن يجبوا أنفسهم وأن يعتزلوا النساء، ولا يأكلوا لحماً ولا دسماً، وأن يلبسوا المسوح، ولا يأكلوا من الطعام إلا قوتاً، وأن يسيحوا في الأرض كهيئة الرهبان؛ فبلغ ذلك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أمرهم، فتى عثمان بن مظعون في منزله فلم يجده في منزله، ولا إياهم، فقال لأمرأه عثمان أم حكيم بنت أبي أمية بن حارثة السلمية: أحق ما بلغني عن زوجك وأصحابه؟ قالت: ما هو يا رسول الله؟ فأخبرها، وكرهت أن تحدث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين سألها، وكرهت أن تبدي على زوجها فقالت: يا رسول الله! إن كان أخبرك عثمان فقد صدقك. فقال لها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قولي لزوجك وأصحابه إذا رجعوا إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول لكم: إني آكل وأشرب، وآكل اللحم والدسم، وأنام، وآتي النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني. فلما رجع عثمان وأصحابه أخبرته امرأته بما خبرها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالوا: لقد بلغ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرنا فما أعجبه؟ فذروا ما ركه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ونزل فيهم:" يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما حل الله لكم " قال: من الطاعم والشارب والجماع " ولا تعتدوا " قال: في قطع المذاكر " إن الله لا يحب لمعتدين " قال: للحلال من الحرام.
وعن ثابت قال:
كان عبد الرحمن بن عوف والمقداد بن الأسود جالسين بتحدثان فقال له عبد الرحمن: ما يمنعك أن تزوج؟ فقال له المقداد: زوجني إنك. قال: فاغلظ له وجبهه، فسكت المقداد عنه. قال: ولم يصب أحداً منهم غم ولا غيظ ولا فتنة إلا شكى ذلك إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ قال: وقام المقداد فأتى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فنظر إليه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فعرف الغم في وجهه، فقال: ما شأنك يا مقداد؟ قال: يا رسول الله! بأبي أنت وأمي، كنت عند عبد الرحمن بن عوف جالساً فقال لي: ما منعك يا مقداد أن تزوج؟ فقلت له: زوجني أنت ابنتك، فاإلظ ي وجبهني. فقال له