للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تسمي القرآن باسم من عندك فتكون من الضالين، جعلنا الله وإياك من الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون ".

وكتب بشر إلى مصور أيضاً يسأله عن قوله الله عز وجل " الرحمن على العرش استوى " كيف استوى؟ فكتب إليه منصور: استواؤه غير محود، والجواب فيه تكلف، ومسألتك عن ذلك بدعة، والإيمان بجملة ذلك واجب، قال الله تعالى: " فأما الذين في قلوبهم زيغ فييتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله " وحده ثم استأنف الكلام فقال: والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب " فنسبهم إلى الرسوخ في العلم بأن قالوا لما تشابه منه عليهم: آمنا به كل من عند ربنا. فهؤلاء هم الذين أغناهم الرسوخ في العلم على الاقتحام على السدد المضروبة دون الغيوب، بما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب؛ فمدح اعترافهم بالعجز عن تأول ما لم يحيطوا به علماً، وسمي تركهم التعميق فيما لم يكلفهم رسوخاً في العلم. فاتنه رحمك الله من العلم إلى حيث انتهى بك إليه، ولا تجاوز ذلك إلى ما حظر عنك علمه، فتكون من المتكلفين، وتهلك مع الهالكين. والسلام عليك.

قال منصور بن عمار في مجلس له، وقد فرغ من كلامه: لي إليكم حاجة، أريد حبة لم يزينها المطففون، ولم تخرج من أكياس المربين ولم تجر عليها أحكام الظالمين. قالوا: ما عندنا هذه.

كتب بشر إلى منصور بن عمار: اكتب إلي بما من الله علينا. فكتب إليه منصور: أما بعد يا أخي، فقد أصبح بنا من نعم الله ما لا نحصيه، في كثرة ما نعصيه ولقد بقيت متحيراً فيما بين هاتين: لا أدري كيف أشكره بجميل ما نشر أو قبيح ما ستر.

<<  <  ج: ص:  >  >>