قال منصور بن عمار: دخلت على المنصور أمير المؤمنين فقال لي: يا منصور! عظني وأوجز، فقلت: إن من حق المنعم على المنعم عليه أن لا يحول ما أنعم به عليه سبباً لمعصيته. فقال: أحسنت وأوجزت! رئي منصور بن عمار في النوم فقيل له: يا أبا السري! ما فعل الله بك؟ قال: أوثقني في عذابه وقال لي: منت تخلط، ولكني قد غفرت لك لأنك كنت تحببني إلى خلقي، قم فمجدني بين ملائكتي كما كنت تمجدني في الدنيا، فوضع لي كرسي، فمجدت الله بين ملائكته.
قيل لمنصور بن عمار: تكلم بهذا الكلام ونرى منك أشياء! قال: احسبوني درة وجدتموها على كناسة، استنفعوا بالدرة ودعوا الكناسة مكانها.
وكان منصور بن عمار لا يبقي له شيئان في رمضان، لا كسوة ولا دراهم، ولا طعاماً حتى يبعث به إلى إخواته المتقللين.
قال سليمان بن منصور: رأيت أبي منصوراً في المنام فقلت: ما فعل بك ربك؟ فقال: إن الرب قربني وأدناني وقال لي: يا شيخ السوء، تدري لم غفرت لك؟ قلت: لا إلهي. قال: إنك جلست للناس يوماً مجلساً فبكيتهم، فبكى فيهم عبد من عبادي لم يبك من خشيتي قط، فغفرت له ووهبت أهل المجلس كلهم له، ووهبتك فيمن وهبته له.
قال أحمد بن العباس: خرجت من بغداد، فاستقبلني رجل عليه أثر العبادة فقال لي: من أين خرجت؟ قلت: من بغداد، هربت منها لما رأيت فيها من الفساد، خفت أن يخسف بأهلها. فقال: ارجع ولا تخف، فإن قبور أربعة من أولياء الله، هم حصن لهم من جميع البلايا. قلت: من هم؟ قال: أحمد بن حنبل، ومعروف الكرخي، وبشر الحافي، ومنصور بن عمار. فرجعت وزرت القبور ولم أحج تلك السنة.