وعن الحسن: أن موسى لما حضرته الوفاة، كان جالساً يقضي بين بني إسرائيل إذ نظر إلى رجل بينهم أنكره، فاشرأب مكانه، فلما رآه قام ودخل على أمه حبوراً، فقالت له: يا بني! إن هذه الساعة ما كنت تقومها فما الذي أعجلك؟ وكان نبي الله موسى إذا رأى شيئاً من بني إسرائيل يكرهه دخل على أمه فأخبرها، فقالت: هل رأيت شيئاً من بني إسرائيل تكرهه؟ قال: لا، ولكن رأيت رجلاً أنكرته، فجعلت أنظر إليه فأراه على حاله فقمت، فقالت: وما الذي ظننت؟ قال: ملك الموت جاء يقبضني. فقالت: يا بني! أفلا حققت ذلك؟ أفلا حققت ذلك؟ قال: ما فعلت. قال: فخرج موسى، فوجده على بابه. فقال: من أنت يا عبد الله؟ قال: أنا ملك الموت بعثت إليك لأقبض روحك، وأمرت بطاعتك في نفسك. قال: فهل تراجع الله في؟ قال: نعم إن شئت. قال: ثم مه؟ قال: ثم الموت.
وقال مكحول: إن ملك الموت راجع ربه في موسى، فقال الله عز وجل: قل لموسى إن شئت أمهلتك عدد النجوم في السماء، وإن شئت فاضرب بيديك على مسك ثور، فما وارتا من شعره عددتها فأحييت بعددها سنين. قال: فجاءه ملك الموت فأبلغه، فقال له موسى: ثم مه؟ قال: ثم الموت، قال: ما منه بد؟ قال: لا. قال: فامض لما أمرت به، ولكن دعني فأدخل إلى أمي فأسلم عليها، وعلى زوجتي وولدي فأودعهم، قال: نعم. فدخل على أمه فأكب عليها يقبلها ويقول: يا أمتاه! قد كبرت السن، ودنا الأجل، وقد أحببت لقاء ربي، فبكت وبكى وأوصاها وعزاها، وأكب على زوجته اصفورا، فسلم عليها ثم قال: نعمة الشريكة كنت! فأوصاها، وودعها، وودع ولده وأوصاهم، فقالت زوجته: ادعو الله أن يجعلني زوجتك في الجنة. فقال: على أن لا تصغي ثوباً