للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكروني، فإذا لقيتم، فالقهم بوجه من بلغك عنهم كل جميل، وابسط خلقك لهم بسط غير متكلف، وعاشرهم بأحسن معاشرة، ولا تشمخ عليهم بما عاملوك به، واجعله ثلث ما أردت أخذه منك. واحرص كل الحرص ألا يرفع أحد من أصحاب الأخبار إلي عنك ذماً ولا مدحاً، وأخمل نفسك فتسلم، واجعل هذا ثلث ما أردت أخذه منك.

وكان الوزير لما رأى " محمد بن " مسلمة يأكل، سأل عن السب، فعرفوه خبره وما عمله الغلام، وكان الغلام مملوكاً له، قريب المنزلة منه، فعتقه، ووهب له عشرة غلمان، وجعل أرزاقهم تحت يده، وحمله على عشرة براذين وخلع عليه عشر خلع.

ثم كتب رقعة إلى محمد بن مسلمة بعد يومين: يا محمد، لا تنكرنا، خبرنا برك واحتفادك، واحسب ما تستحقه منا، لكن لنا في ذلك رأي يتبين لك بعد وقت آخر.

فلما كان بعد مدة خاطب فيه الواثق، وعرفه صحة حسابه وفضله وثقته وشهامته؛ فقلده واسط وأعمالها، وأكسبه ثلاث مئة ألف دينار في مدة يسيرة، وكان يقول: ما بلغنا في محمد بن مسلمة ما يستحقه منا لما فعله.

كان نجاح قد خص بالمتوكل، وأنس به، وعاشره، فقال المتوكل، وقد ذكره الفتح وهو مقيم بالجعفري، ويحك ألا ترى إلى نجاح، قعد بسر من رأى وتركنا ههنا؟ ابعث فأشخصه بجماعة يجيئون به على الحال التي يجدونه عليها، فوجه إليه بجماعة، فألفوه يشرب، فحملوه في ثياب بذلته، وجاؤوا به إلى المتوكل، فلما رآه قال: ويلك! تدعنا ههنا، وتمر إلى سر من رأى؟ قال: نعم يا سيدي، أدعك إذا لزمت الصحارى والخرابات وأمضي إلى معادن الأموال والخيرات، جئتك وخلفت ورائي مالاً عظيماً لائحاً يصيح: خذوني، وليس يجد من يأخذه، فقال له: عند من ويلك؟! قال: عند الحسن بن مخلد، وميمون بن غبراهيم، ومحمد بن موسى المنجم، وكان يتقلد الزرع والهندسة في الآفاق، وأحمد بن موسى وكان قد تقلد أعمالاً كثيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>