قال معاوية بن أبي سفيان ذات يوم: إنه قد ذهب مني لذة كل شيء إلا الحديث، فانظروا من بالباب، قالوا: معن بن يزيد ونصر بن حجاج السلميان، فأذن لهما.
فلما دخلا، قال: أتدريان لم بعثت إليكما؟ قالا: نعم، لم يبق لك رحم في العرب إلا وصلتها؛ فأردت أن تصلنا، قال: ليس لهذا بعثت إليكما، ولكنه قد ذهب مني لذة كل شيء إلا لذة الحديث، فقالا: فقرئنا فيما شئت من أمر الجاهلية والإسلام، فإن شئت أن نرقق لك رققنا، وإن شئت أن نصدقك صدقناك.
قال: فحمد الله معاوية وأثنى عليه، ثم قال: أنا خير قريش لقريش، ولو أن أبا سفيان ولد الناس لكانوا أكياساً.
قال: فحمد الله السلميان، ثم قالا: قد ولد الناس من هو خير من أبي سفيان آدم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فمنهم الأحمق والكيس، وأما خير قريش لقريش فمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فما أنت فيه فمن ذلك، وأما أنت فشر قريش لقريش، أطغيت برها، وأكفرت فاجرها، كأنا بهم قد سألوا من بعدك ما سألوك فضربت أعناقهم، ثم ألقوا في السكك، فكانوا كالرقاق المنتفخة.
فقال معاوية: هل سمع منكما هذا الكلام أحد غيري؟ قالا: لا، قال: فاخرجا، ولا يسمعنه منكما أحد.
بينا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذات ليلة يعس في زقاق من أزقة المدينة فإذا امرأة تقول:" من البسيط "