ثناياها، وقالت: والله، لا يجليكن أحد بعد عثمان، ثم خطبها معاوية، فأبت عليه، وأنشدت: من الطويل
أبى الله إلا أن تكوني غريبة ... بيثرب لا تلقين أماً ولا أبا
وقيل: إنها خطبها قوم من قريش، فدعت بمرآة، فنظرت فيها، وكانت من أحسن الناس ثغراً، فأخذت فهراً فدقت به أسنانها، فسال الدم على صدرها، فبكى جواريها، وقلن لها: ما صنعت بنفسك؟ قالت: إني رأيت الحزن يبلى كما يبلى الثوب، وإني خفت أن يبلى حزني على عثمان، فيطلع مني رجل على ما اطلع عليه عثمان، وذلك ما لا يكون أبداً.
وخرجت نائلة ليلة دفن عثمان ومعها السراج، وقد شقت جيبها، وهي تصيح: واعثماناه، واأمير المؤمنيناه، فقال لها جبير بن مطعم: أطفئي السراج فقد ترين من بالباب، فأطفأت السراج.
وانتهوا إلى البقيع، فصلى عليه جبير وخلفه حكيم بن حزام وأبو جهم ونيار بن مكرم، ونائلة، وأم البنين بنت عيينة بن حصن امرأته، ونزل في حفرته نيار وأبو جهم وجبير، وكان حكيم والمرأتان يدلونه على الرجال حتى قبر وبني عليه، وغموا قبره، وتفرقوا.
حدث بعض مشايخ بني راسب قال: كنت أطوف بالبيت فإذا رجل أعمى يطوف بالبيت وهو يقول: اللهم اغفر لي، وما أراك تفعل. فقلت: أما تتقي الله؟ قال: إن لي شأناً، آليت أنا وصاحب لي لئن قتل عثمان لنلطمن حر وجهه، فدخلنا عليه ورأسه في حجر امرأته نائلة، فقال لها صاحبي: اكشفي وجهه، قالت: لم؟ قال: ألطم حر وجهه، فقالت: أما ترضى ما قال فيه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال فيه: كذا، وقال فيه: كذا. قال: فاستحيا صاحبي، فرجع.
فقلت لها: اكشفي عن وجهه، قال: فذهبت تعدد علي، فلطمت وجهه، فقالت: مالك؟! يبس الله يدك، وأعمى بصرك، ولا غفر لك ذنبك.