وعن ابن لهيعة قال: قال الملامس بن خزيمة الحضرمي لمعاوية: يا أمير المؤمنين، إن هذا - يريد ربيعة بن حبيش الصدقي - قاتل عثمان وقرين الشيطان، وختن وردان. وكان ربيعة قد زوج ابنته من وردان. فقال معاوية: يا ربيعة، أزوجت وردان ابنتك؟ قال: نعم، يا أمير المؤمنين، زوجت فداناً أخضر وديناراً أصفر. فقال معاوية: أف لك، أعبد عمرو؟ كان وردان بالإسكندرية، وعليها علقمة بن يزيد الغطيفي، وبالإسكندرية راهب نحو كنيسة الدقيق، وكان وردان يأتيه ويحدثه، فجاءه يوماً، فقال له الراهب: لا تمر بك ثلاثة أيام حتى تقتل. فانصرف وردان، فجلس على مجلس الصدف، فحدثهم بما قال الراهب. فلم يلبث إلا يسيراً حتى أتاهم الصارخ أن الروم قد نزلوا البرلس. فاستنفر علقمة الناس إليهم، فولى عليهم وردان، فنفر بهم إلى البرلس، فوجد الروم بها، فاقتتلوا قتالاً شديداً، فاستشهد وردان ومن معه وأبو رقية اللخمي، وكان على الخراج، وعائذ بن ثعلبة البلوي، وكان على الخيل.
قالوا: وكان بين يدي وردان شمعة لما خرج ليلاً، فانطفأت، فتطير بذلك.
قالوا: وكان عائذ قد أمر بالمعديات فرفعت إلى البر، فقال له وردان: اردد المعديات تجز فيها من أتاك من الثغور والفسطاط. فقال له: هذا رأي العبيد، بل نرفعها ونقاتل، فيكون الفتح لنا والذكر، فلا تجبن، قال: أنا أجبن؟ ستعلم من يجبن.
فاقتتلوا، وأقبل المدد، فوقفوا في العدوة لا يقدرون على المجاز، والمسلمون والروم يقتتلون، فقتل عائذ ووردان، وارتث سويد بن ملة في جمع من المسلمين، وانصرف الروم.