وكان وردان والياً على خراج مصر من قبل معاوية بعد موت عمرو.
وكان وردان من عمرو بن العاص بمنزلة صاحب الشرط من الأمير، كان لا يعمل شيئاً حتى يشاوره، وكان داهياً فهماً.
كتب معاوية إلى وردان أن زد على القبط قيراطاً قيراطاً على كل إنسان.
فكتب إليه وردان: كيف أزيد عليهم، وفي عهدهم ألا يزاد عليهم، يرى بذلك لأن مصر كانت عنده عنوة، فلهذا استجاز الزيادة عليهم، وكانت عند وردان صلحاً، فكره الزيادة، فلهذا اختلفا.
روى عن مسلم بن محارب قال: قال معاوية: إن عمرو بن العاص احتجز دوننا خراج مصر فعزله، واستعمل أبا الأعور السلمي، فبلغ عمرو الخبر، فدعا وردان مولاه، فقال: ويحك، يا أبا عثمان! عزلنا معاوية أمير المؤمنين، قال: فمن استعمل؟ قال: أبا الأعور السلمي، فهل عندك من حيلة؟ قال: نعم، اصنع له طعاماً، ولا تنظر له في كتاب حتى يأكل، ودعنا نعمل ما نريد.
فلما قدم عليه أبو الأعور، وأخرج كتاب معاوية بتسليم العمل إليه، قال له عمرو: وما نصنع بكتاب؟ لو جئتنا برسالة لقبلنا ذلك منك، دع الكتاب وكل.
قال: انظر في الكتاب، قال: ما أنا بناظر حتى تأكل، فوضعه إلى جانبه، وجعل يأكل، فاستدار له وردان، فأخذ الكتاب والعهد.
فلما فرغ أبو الأعور من غذائه طلب الكتاب، فلم ير شيئاً، فقال: أين كتابي؟ فقال له عمرو: أليس إنما جئتنا زائراً لنحسن إليك ونكرمك ونبرك؟ قال: استعملني أمير المؤمنين وعزلك، قال: مهلاً، لا يظهرن هذا منك، إنه قبيح، نحن نصلك ونحسن جائزتك، فرضي بالجائزة.