وكان تنصر في الجاهلية، ويكتب الكتاب العربي، فكتب بالعربية من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخاً كبيراً قد عمي، فقالت خديجة: أي ابن عم، اسمع من ابن أخيك، قال ورقة: يا بن أخي، ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خبر ما رأى، فقال ورقة بن نوفل: هذا الناموس الذي أنزل على موسى، يا ليتني فيها جذعاً أكون فيها حياً حين يخرجك قومك.
قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أو مخرجي هم؟ قال ورقة: نعم، لم يأت رجل قط بما جئت إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً. ثم توفي ورقة.
وكان زيد بن عمرو بن نفيل وورقة بن نوفل ذهبا نحو الشام يلتمسان الدين، فأتيا على راهب، فسألاه، فقال: إن الذي تطلبان لم يجئ بعد، وهذا زمانه، وإن نبي هذا الدين يخرج من قبل تيماء.
فرجعا، فقال ورقة: أما أنا فأقيم على نصرانيتي حتى يبعث هذا النبي، وقال زيد بن عمرو: أما أنا فأعبد رب هذا البيت حتى يبعث النبي.
وكان زيد يأتي على بلال وهو يعذب في الله، فيقول: يا بلال، أحد أحد، والذي نفسي بيده، لئن قتلت لأتخذنك حناناً، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يبعث زيد أمة وحده، وكان زيد يأتي على الصبية وقد وئدت، فيستخرجها، فيسترضع لها حتى تشب.
قال أبو ميسرة: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لخديجة: إني إذا خلوت وحدي سمعت نداءً، فقد حسبت أن يكون هذا أمراً، فقالت: معاذ الله، ما كان الله ليفعل بك، فوالله إنك لتؤدي الأمانة، وتصل الرحم وتصدق الحديث. فلما دخل أبو بكر وليس رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم، ذكرت خديجة حديثه له، وقالت: يا عتيق، اذهب مع محمد إلى ورقة. فلما دخل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ