فجذبها. فقال مروان بن الحكم - وكان حاضراً - ما رأيت كاليوم جرأة رجل على أميره قال الوليد: ليس ذلك بك، ولكنك حسدتني على حلمي عنه.
فقال حسين عليه السلام: الأرض لك، اشهدوا أنها له.
لما توفي معاوية قدم رسول يزيد على الوليد بن عتبة، وهو على المدينة، يأمره أن يأخذ البيعة على الحسين بن علي وعلى عبد الله بن الزبير. فأرسل إليهما ليلاً حين قدم عليه الرسول، ولم يظهر موت معاوية. فقالا: تصبح، وتجمع الناس، فنكون منهم. فقال له مروان: إن خرجا من عندك لم ترهما.
فنازعه ابن الزبير الكلام، وتغالظا حتى قام كل واحد منهما لصاحبه، فتناصيا، وقام الوليد فحجز بينهما حتى خلص كل واحد من صاحبه. فأخذ عبد الله بن الزبير بيد الحسين، وقال: انطلق بنا.
فقاما، وتمثل ابن الزبير قول الشاعر:" من الكامل "
لا تحسبني يا مسافر شحمة ... تعجلها من جانب القدر جائع
فأقبل مروان على الوليد يلومه، ويقول: لا تراهما أبداً.
فقال له الوليد: إني أعلم ما تريد، ما كنت لأسفك دماءهما، ولا لأقطع أرحامهما.
لما آتي برأس الحسين بن علي إلى عمرو بن سعيد العاص وضع بين يديه، فقال للوليد بن عتبة: قم، فتكلم.
فقام، فقال: إن هذا - عفا الله عنا وعنه - حرنا بين أن يقتلنا ظالماً، أو نقتله معذورين في قتله، فصرنا إلى التي كرهنا مضطرين إليها غير مختارين لها، وتالله لوددنا أنا اشترينا له العافية منه، ولو أمكن ذلك بإغلاء الثمن، وإن عجل قوم بملامنا ليصيرن إلى عذر منا.