فقال: ما ننقم عليك في أنفسنا، ولكنا ننقم عليك في انتهاك ما حرم الله، وشرب الخمر، ونكاح أمهات أولاد أبيك، واستخفافك بأمر الله.
قال: حسبك، فلعمري لقد أكثرت وأغرقت، إن فيما أحل الله لي سعة عما ذكرت.
ورجع إلى الدار، فجلس، وأخذ مصحفاً، وقال: يوم كيوم عثمان، ونشر المصحف يقرأ.
فعلوا الحائط، فكان أول من علا الحائط يزيد بن عنبسة، فنزل إليه، وسيف الوليد إلى جنبه، فقال له يزيد: نح سيفك.
فقال له الوليد: لو أردت السيف كان لي ولك حال غير هذه، فأخذ بيد الوليد وهو يريد أن يحبسه ويؤامر فيه، فنزل من الحائط عشرة، فضربه عبد السلام اللخمي على رأسه، وضربه السري بن زياد بن أبي كبشة على وجهه، وجروه بين خمسة ليخرجوه، فصاحت امرأة كانت معه في الدار؛ فكفوا عنه لم يخرجوه.
واحتز أبو علاقة القضاعي رأسه، وأخذ عقباً، فخاط الضربة التي في وجهه.
وقدم بالرأس على يزيد روح بن مقبل، وقال: أبشر يا أمير المؤمنين بقتل الفاسق الوليد وأسر العباس. ويزيد يتغذى؛ فسجد ومن كان معه.
وقدم يزيد بن عنبسة، وأخذ بيد يزيد، وقال: قم يا أمير المؤمنين، وأبشر بنصر الله.
فاختلج يزيد يده من كفه، وقال: اللهم، إن كان هذا لك رضى فسددني.
وقال ليزيد بن عنبسة: هل كلمكم الوليد؟ قال: نعم، كلمني من وراء الباب، وقال: أما فيكم ذو حسب فأكلمه؟ فكلمته، ووبخته، فقال: حسبك، فقد لعمر أغرقت وأكثرت، أما والله لا يرتق فتقكم، ولا يلم شعثكم، ولا تجمع كلمتكم.