ففعل، وصاح الناس وأهل الدار، ثم رده إلى يزيد، فقال له: انطلق به إلى منزلك.
فمكث عنده قريباً من شهر، ثم قال: ادفعه إلى أخيه سليمان، وكان أخوه سليمان ممن يسعى على أخيه.
فغسل ابن فروة الرأس، ووضعه في سفط، وأتى به سليمان، فنظر إليه سليمان، فقال بعدالة: أشهد أنه كان شروباً للخمر ماجناً فاسقاً، ولقد أرادني على نفسي الفاسق.
فخرج ابن فروة، فتلقته مولاة للوليد، فقال لها: ويحك! ما أشد ما شتمه! زعم أنه أراده على نفسه! قالت: كذب والله الخبيث، ما فعل، ولئن كان أراده على نفسه فقد فعل، وما كان ليقدر على الامتناع منه.
ويزيد بن الوليد الذي قتل الوليد بن يزيد هو ابن عمه الذي يقال له الناقص، سار إليه في التدرية، فقتلوه بالبخراء، وقتل أهل مصر أميرهم.
وقيل: إنه حمل إلى دمشق سراً، ودفن خارج باب الفراديس.
وعن سيار بن سلامة أنه قال لما قتل الوليد: إنكم لترسون خبراً - يقال: بلغني رس من خبر وذرء من خبر - إن كان حقاً لا يبقى أهل بيت من وتر إلا دخل عليهم منه مكروه.
قال سفيان: لما قتل الوليد كان بالكوفة رجل، يكون بالشام، وأصله كوفي، سديد عقله، قال لخلف بن حوشب لما وقعت الفتنة: اصنع طعاماً، واجمع بقية من بقي، فجمعهم، فقال سليمان الأعمش: أنا لكم النذير: كف رجل يده، وملك لسانه، وعالج قلبه.