لأقوم، فإذا بعجوز قد دخلت فقالت: يا أبا يوسف، بنتك تقرئك السلام، وتقول لك: ما وصل إلي في ليلتي هذه من أمير المؤمنين إلا المهر الذي عرفته، وقد حملت إليك النصف منه، وخلفت الباقي لما أحتاج إليه، فقال: رديه، فوالله لا قبلتها، أخرجتها من الرق، وزوجتها أمير المؤمنين وترضى لي بهذا، فلم نزل نطلب إليه أنا وعمومتي حتى قبلها، وأمر لي منها بألف دينار.
كان حماد بن موسى صاحب أمر محمد بن سليمان والغالب عليه، فحبس سوار القاضي رجلاً في بعض ما يحبس فيه القضاة، فبعث حماد فأخرج الرجل من الحبس، فخاصمه إلى سوار فأخبره أن حماداً أخرج الرجل من الحبس، فركب سوار حتى دخل على محمد بن سليمان، وهو قاعد للناس، والناس على مراتبهم، فجلس حيث يراه محمد، ثم دعا قائداً من قواده، فقال: أسامع أنت أم مطيع؟ قال: نعم، قال: اجلس ها هنا فأقعده عن يمينه، ودعا آخر من نظرائه ففعل به ما فعل بالأول، فعل ذلك بجماعة من قواد سليمان ثم قال لهم: انطلقوا إلى حماد بن موسى فضعوه في الحبس، فنظروا إلى محمد بن سلمان فأعلموه ما أمرهم، فأشار إليهم أن افعلوا ما يأمركم، فانطلقوا إلى حماد فوضعوه في الحبس، وانصرف سوار إلى منزله، فلما كان بالعشي أراد محمد بن سليمان الركوب إلى سوار، فجاءته الرسل، فقالوا: إن الأمير على الركوب إليك، فقال: ا، نحن أولى بالركوب إليه، فركب إليه، فقال: كنت على المجيء إليك يا أبا عبد الله، فقال: ما كنت لأجشم الأمير ذلك، قال: بلغني ما صنع هذا الجاهل حماد، قال: هو ما بلغ الأمير، قال: فأحب أن تهب لي ذنبه، قال: أفعل أيها الأمير، اردد الرجل إلى الحبس، قال: نعم، بالصغر له والقماء، فوجه إلى الرجل فحبسه، وأطلق حماداً، وكتب بذلك صاحب الخبر إلى الرشيد، فكتب إلى سوار يحمده على ما صنع، وكتب إلى محمد بن سليمان كتاباً غليظاً يذكر فيه حماد ويقول: الرافضي ابن الرافضي، والله لولا أن الوعيد أمام العقوبة ما أدبته إلا بالسيف ليكون عظة لغيره، ونكالاً، يفتات على قاضي المسلمين في