للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأيه، ويركب هواه لموضعه منك، ويتعرض في الأحكام استهانة بأمر الله وإقداماً على أمير المؤمنين؟! وما ذلك إلا بك، وبما أرخيت من رسنه. تالله لئن عاد إلى مثلها ليجدني أغضب لدين الله، وأنتقم من أعدائه لأوليائه.

كان الرشيد يقول: أنا من أهل بيت عظمت رزيتهم، وحسنت بقيتهم، رزئنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبقيت فينا خلافة الله عز وجل. بينما الرشيد هارون يطوف بالبيت إذ عرض له رجل فقال: يا أمير المؤمنين، إني أريد أن أكلمك بكلام فيه غلظة فاحتمله لي، فقال: لا، ولا نعمة عين ولا كرامة، قد بعث الله من هو خير منك إلى من هو شر مني فأمر أن يقول له قولاً ليناً.

قال منصور بن عمار: ما رأيت أغزر دمعاً عند الذكر من ثلاثة: فضيل بن العياض، وأبو عبد الرحمن الزاهد، وهارون الرشيد.

قال شعيب بن حرب: بينا أنا في طريق مكة إذ رأيت هارون الرشيد، فقلت لنفسي: قد وجب عليك الأمر والنهي، فقالت لي: لا تفعل، فإن هذا الرجل جبار، ومتى أمرته ضرب عنقك، فقلت لنفسي: لابد من ذلك. فلما دنا مني صحت: يا هارون، قد أتعبت الأمة، وأتعبت البهائم، فقال: خذوه، فأدخلت عليه، وهو على كرسي وبيده عمود يلعب به، فقال: ممن الرجل؟ قلت من أفناء الناس، قال: ممن ثكلتك أمك؟ قلت: من الأبناء، قال: ما حملك على أن تدعوني باسمي؟! قال شعيب: فورد على قلبي كلمة ما خطرت لي قط على بال، قلت: أنا أدعو الله باسمه، فأقول: يا الله، يا رحمن، لا أدعوك باسمك؟ وما تنكر من دعائي باسمك؟ وقد رأيت الله سمى في كتابه أحب

<<  <  ج: ص:  >  >>